مناورات ودية 1

ندرك تماماً بأن لا استقرار أمني ولا اجتماعي ولا اقتصادي إلا باحلال الإستقرار السياسي، وأن منطلق الاضطرابات السياسية ناتج عن تنازع قوى واقطاعيات نافذة تحاول استغلال حاجات المجتمع لترويج مشاريعها تحت يافطة وطنية، بينما أهدافها الخفية محصورة بمصالح أفرادها.

لا أحد بإمكانه التفرد في السلطة والثروة، كما ليس بإمكانه أن يقصي الآخرين أو القضاء عليهم، بل سيضطر الجميع للجلوس على طاولة الحوار لإيجاد حل يعالج مشكلاتهم، فإن يتم التعجيل بالحوار خير لهم من تأجيله حتى تستنزف قوة الجميع وتسيل الكثير من الدماء.

امتلاك ثروة بدون تنمية العقل البشري، يجعلها عرضة للتبديد والضياع دون الاستفادة منها. فبرغم الثروات التي تكتنزها أرض الجنوب في باطنها، وما لديها من مصادر دخل كثيرة ومتعددة، إلا أن لا أحد من العامة استفاد منعا منذ الاستقلال الأول عام 1967م وحتى اليوم، بل انحصرت فائدتها على قلة من النخب السياسية النافذة.

أفرزت الوقائع التاريخية بأن جميع النخب السياسية الجنوبية السابقة والحالية لم تستثمر في العنصر البشري الذي تقوم عليه ركائز البناء والتنمية والتطوير، ولم تفهم بأن العنصر البشري هو الثروة الحقيقيه للإستفادة من الثروات الطبيعية المخزونة في باطن الأرض.

لن نستعيد الجنوب ولن تبنى دولة بتكريس ثقافة الفيد والمغنم وإرضاء الذات أولاً - نفسي نفسي- ثم الذوات والمقربين ثانياً، ثم أصحاب الوساطات والواصلين ثالثاً، فيما يترك المستحقون بقائمة الإنتظار أو يحضرون لتكملة العدد دون صلاحيات حقيقية، فإن زاد شيءٌ عن الذوات وهب لهم وإن لم يتاح فلا أحد سيشغل باله لأمرهم.