سحب الوديعة السعودية يهدد بمزيد من التدهور الاقتصادي

الأحد 19 أغسطس 2018 13:44:59
سحب الوديعة السعودية يهدد بمزيد من التدهور الاقتصادي
دفع تدهور الأوضاع المالية لليمن الحكومة الشرعية إلى سحب أجزاء من الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار، ما يضعها في موقف حرج خلال الفترات القادمة عبر تآكل الغطاء النقدي تماماً وقد يتسبب ذلك في مزيد من تهاوي العملة الوطنية، إضافة إلى ما قد يترتب عليه من زيادة مخاطر الحكومة في تعاملاتها المالية مع البنوك الخارجية عندما تصبح بدون أي غطاء نقدي.
 
وأعلن البنك المركزي اليمني في عدن نهاية يوليو الماضي عن اتخاذه عدة خطوات من أجل إيقاف التدهور المتسارع للريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد أكثر من 560 ريالاً، ومن بين تلك الخطوات التي اتخذها المركزي اليمني سحب الدفعة الأولى من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية بمبلغ وقدره 20 مليوناً و 428 ألف دولار، كما أقر الدفعة الثانية من طلبات البنوك لتغطية الاعتمادات من الوديعة السعودية واستكمال إجراءاتها، وفقاً للآليات المعتمدة والموافقة على إصدار شهادة الإيداع للبنوك التجارية بنسبة فائدة 17%.
ويقر رئيس الغرفة التجارية في الحكومة الشرعية أبو بكر باعبيد بأن سحب الوديعة السعودية قد يؤثر على الغطاء النقدي للبنك المركزي اليمني. ويقول باعبيد، إن الوديعة السعودية هي في الأصل لا تزال تحت سيطرة وتصرف السعودية ولم تسلم للحكومة اليمنية، وإن أي اعتمادات بنكية أو مالية يتم رفعها إلى البنك المركزي اليمني وهو بدوره يتواصل مع السلطات السعودية وهي من تقرر الموافقة عليها أم لا.
 
وخلال الأيام الماضية تم ضخ كميات من طبعة جديدة لفئة 200 ريال أصدرها البنك المركزي اليمني قام بطباعتها مؤخراً. وأوضح مصدر في البنك المركزي، في اتصال هاتفي أنه بالفعل وصلت قرابة 27 حاوية من تلك الأوراق ومن المتوقع أن يقوم البنك بضخها إلى السوق خلال الأيام القليلة القادمة.
وأكدت مصادر مصرفية في وقت سابق، أن البنك المركزي قام بطباعة 220 مليار ريال يمني من الورقة النقدية الجديدة التي تظهر بحجم أصغر من الورقة النقدية القديمة لنفس الفئة، وأن الهدف استبدال التالف من هذه الورقة.
 
واتجهت الحكومة اليمنية إلى طباعة كميات كبيرة من النقود بدون غطاء نقدي، لمواجهة أزمة السيولة، ما فاقم أزمات الاقتصاد، فيما ترى الحكومة في إجراءات كهذه ضرورة للحد من التأثيرات السلبية لنقص السيولة.
 
لكن خبراء الاقتصاد يرون أن عملية طباعة الأوراق الجديدة من العملة المحلية يجب أن يكون لها غطاء نقدي أجنبي أو ذهب لتفادي التضخم الذي من المتوقع أن يرتفع إلى مستوى لا يقل عن 50%، والذي بالطبع سينعكس على حياة المواطن إجمالاً، خصوصاً أن السوق اليمنية حاليا سوق سوداء لا تخضع لقوانين العرض والطلب.
 
الخبير المالي اليمني عبد الواحد العوبلي يفند تبعات سحب الوديعة، ويقول إن الملياري دولار التي منحتها السعودية لليمن هي في الواقع ليست منحه أو هبة من حكومة الرياض، وإنما هي قرض مرتفع الفائدة وتعتبر التزاماً واجب السداد، ما يشكل عبئاً على اقتصاد البلاد، خصوصاً إذا استمرت سياسة الحكومة في اللجوء إلى الاقتراض، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الإرهاق للاقتصاد المتعثر.
 
ويضيف العوبلي: مع العلم أن مهمة هذه الوديعة أساساً هي عمل غطاء نقدي للاعتمادات المستندية الخاصة باستيراد احتياجات المواطنين من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية، والتي سيدفع قيمتها التجار أنفسهم، وعليه فلا مبرر لدى الحكومة عندما تقوم بسحب جزء من هذه الوديعة، لأن هذا التصرف سيؤدي إلى الإجهاز على مبلغ الوديعة كاملة في مدة قصيرة مع بقاء هذا الالتزام وفوائده كدينٍ على الحكومة اليمنية يصعب عليها سداده في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الاقتصاد.