مزيد من الوقت كثير من الألغام.. خدعة حوثية لإحراج الأمم المتحدة في الحديدة

الاثنين 25 فبراير 2019 20:00:38
مزيد من الوقت كثير من الألغام.. خدعة حوثية لإحراج الأمم المتحدة في الحديدة
رأي المشهد العربي
استمرارًا لانتهاكاتها بحق الشعب اليمني، تتفنن المليشيات الحوثية الانقلابية في ابتكار حيل خبيثة لتكثيف زرع الألغام بطرق عدة لخداع اليمنيين والمجتمع الدولي ككل وفرض سطوتها على مقدرات البلاد.
بعد تأخير لنحو شهرين بسبب تعنت المليشيات الحوثية وخرقها اتفاق ستوكهولم مرارًا وتكرارًا، كان من المفترض أن تبدأ أمس الأحد المرحلة الأولى من إعادة انتشار القوات في مدينة الحديدة، التي تقضي بانسحاب الانقلابيين من ميناءي الصليف ورأس عيسى لمسافة خمسة كيلومترات، فيما تنسحب القوات الحكومية لمسافة كيلومتر، وفتح طريق إلى مطاحن البحر الأحمر للوصول إلى مخازن الحبوب وتوزيعها على مدى 11 يومًا، إلا أن الموعد تأجل.
ويبرر الانقلابيون عدم انسحابهم بعدم نزعهم الألغام من الموانئ، وما هذا التبرير إلا محاولة من جانب المليشيات للمماطلة في تنفيذ التزاماتها التي قطعتها على نفسها بموجب اتفاق ستوكهولم، ولكسب مزيد من الوقت من أجل زرع المزيد من الألغام، ويشكل هذا الموقف تنصلًا حوثيًا مما جاء في اتفاق السويد الذي تقتضي أولى مراحله أن ينسحب الحوثيون من الموانئ قبل الانسحاب المتزامن للطرفين من مواقعهم.
وقال فريق الحكومة في لجنة إعادة الانتشار بالحديدة إنه وجه رسالة لرئيس لجنة إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوسيغارد يبلغه بالموافقة المشروطة على تنفيذ الخطوة الأولى من المرحلة الأولى لانسحاب مليشيات الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى.
وتتضمن شروط موافقة الحكومة نزع الألغام، وإخراج المشرفين الحوثيين، ووضع آلية لعودة الطواقم الأمنية والفنية والإدارية للسلطة المحلية، طبقًا لاتفاق ستوكهولم.
وتقتضي خطة إعادة الانتشار أن يقوم الحوثيون بالانسحاب، وفور تأكيدهم إتمام الخطوة الأولى من المرحلة الأولى خلال أربعة أيام، تقوم فرق تابعة للأمم المتحدة بتفحص الأماكن، ثم تكون في النهاية زيارة مشتركة إلى مواقع الانسحابات، للتأكد من خلو المناطق بصورة صحيحة.
واشترطت القوات الحكومية أيضًا أن انسحابها من الكيلو 8 لن يتم إلا بعد وضع الآلية التنفيذية لعودة الطواقم الأمنية والإدارية والفنية للسلطة المحلية، التي تم استبعادها من أعمالها بعد الانقلاب عام 2014.
كما أن الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر مرهون بنزع الألغام المزروعة من قِبل الحوثيين، وقد سبق أن اتهم منسق الشؤون الإنسانية وبرنامج الغذاء العالمي الحوثيين بعرقلة الوصول إلى المطاحن، مشيرًا إلى أن المليشيات الانقلابية رفضت نزع الألغام في منطقة 7 يوليو شرق مدينة الحديدة.
وتلعب مليشيات الحوثي الانقلابية على عامل الوقت وكسب المزيد منه، حيث إنها عندما تتلقى أي هزيمة في أي جبهة من الجبهات تهرول على الفور للمطالبة بمشاورات سلام جديدة والادعاء أنها سوف تنفذ أي اتفاق من شأنه إقرار السلام، وهو ما يحدث على مر السنوات الماضية منذ جنيف واحد واثنين وحتى اتفاق السويد الأخير.
وعملت المليشيات على استغلال بعض الثغرات الموجودة باتفاق السويد، ومنها على سبيل المثال موضوع تسليم مدينة الحديدة للعناصر الأمنية الموجودة بداخلها، حيث عملت المليشيات على استبدال زي رجال الأمن وإدخال عناصر تابعة لها بالزي الجديد وضمهم لقوات الأمن وقوات خفر السواحل وغيرها من القوات الأمنية الموجودة بمدينة الحديدة على أساس أنها قوات محلية.
وتلتفت مليشيات الحوثي الانقلابية على بنود اتفاق السويد، وتصر على وجود عناصرها في المدينة حتى تديرها، وكان هذا واضحًا خلال المسرحية التي قامت بها خلال ما سُمى بالانسحاب الأول لها، كما أن مدير خفر السواحل يُعد من أبرز قيادات المليشيات والذي هدد في السابق باستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر، فكيف يمكن أن تسلم المدينة لمثل هؤلاء؟
ولم تكتف المليشيات بهذه المسرحية، بل بدأت في حفر أنفاق جديدة جنوب المدينة في مسعى منها لتحصين قواتها وفي مؤشر جديد على عدم نيتها الانسحاب وإعادة الانتشار.
وتستمر مليشيات الحوثي الإجرامية في تعزيز مواقعها الدفاعية عبر زراعة الألغام وحفر الخنادق والممرات البرية عند المداخل والمواقع الرئيسية، حيث باتت الألغام تمثل هاجس اليمنيين الأكبر بعد أن أسرفت المليشيات في استخدامها وتفننت في تمويهها وإخفائها حتى باتت تطارد المواطنين بالموت في كل خطوة، فهنالك الطفل الذي شوّهته الألغام العدوانية التي حسبها لعبة، ومنهم من باغتته في بركة ماء، ومنهم من فصلته عن عالم طفولته وحرمته من إكمال تعليمه.
وستظل الألغام -التي يزرعها الحوثيون لترهيب السكان- تشكل خطرًا كبيرًا للأجيال القادمة في اليمن، رغم الجهود التي تُبذل لإزالتها، حيث تسببت في قتل قرابة ألف مدني وجرح الآلاف -أغلبهم من المدنيين الأطفال والنساء- في محافظات الحديدة ومأرب والجوف وتعز وعدن ولحج وحجة وصعدة.
وتكشف طريقة زرع الألغام "بدون خرائط" كثيرًا عن استراتيجية المليشيات الموالية لإيران، إذ تبين أن معظم عمليات زرع الألغام جرت بطريقة عشوائية وفي مناطق مأهولة بالسكان.
وأعلن المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) أن الفرق الميدانية التابعة للمشروع نزعت خلال الأسبوع الثالث من فبراير 1371 لغمًا وذخيرة غير منفجرة زرعتها مليشيات الحوثي الانقلابية، ليصل مجموع ما تم نزعه خلال فبراير إلى 3730 لغمًا، فيما بلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع أواخر يونيو الماضي نحو 44743 لغمًا.
وكشفت وقائع ميدانية عن أن بين اللغم المزروع والآخر، لا توجد إلا مسافة هامشية بما يعادل ما 20 و30 سنتيمترًا، وبذلك تحول هذه الألغام المتراصة المناطق السكانية والمناطق القريبة من الطرقات التي تغص بها إلى حقول ألغام مفتوحة تنهش من يقترب منها وتزرع الرعب والأسى في قلوب المهجرين عنوة عن درياهم.
ولا يكاد يمر يوم إلا ويذاع خبر مقتل أو إصابة مواطن بسبب لغم زرعته مليشيات الحوثي الإرهابية في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرتهم وتم طردهم منها، وأصبح اليمن أكبر دولة ملغومة على مستوى العالم، حيث زرعت المليشيات أكثر من مليون لغم أرضي منذ بدء الحرب، ما جعلها أكبر دولة ملغومة منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشكل هذه الكمية المهولة من الألغام خطرًا مستدامًا على حياة المدنيين، يتضاعف مع تعمد مليشيات الحوثي زراعة الألغام المحرمة دوليًا بشكل عشوائي وكثيف في المناطق التي يتم طردها منها، بل حتى في المنازل، والطرق والمرافق العامة.