تحركات دبلوماسية هامة للزبيدي

​اتّسمت خارطة التحركات الدبلوماسية الجنوبية لرئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي بمميزات جديدة وهامة، استكملت البناء على القواعد والأساسات القديمة والتاريخية لدولة الجنوب العربي، وما تم تحقيقه طيلة العقود الماضية، من علاقات وشراكات دولية مع مراكز القرار الدولي المؤثرة بين الشرق والغرب، ولكي تضمن السياسة الجنوبية الخارجية النجاح وتحقيق أفضل النتائج فقد سعت إلى الاعتماد على الماضي لأنه ببساطة هو الذي أوصلنا إلى الحاضر، واستخلصت الدروس المستفادة وتقييمها كي يتم فهم الحاضر وقواه المحركة في العالم ومحيطنا، وتكوين رؤية عن المستقبل الذي يصبو إليه الشعب.

قد نخطئ الحسابات إذا أطلقنا نيران أسلحتنا على ماضينا، وربما قد يطلق المستقبل مدافعه علينا إن قبلنا بالأفكار التي يروج لها البعض، عندما يحاولون اختلاق عداء غير مبرر ومنطقي لدولة بريطانيا أو روسيا، وأن بريطانيا كانت محتلة للجنوب وهي حقبة زمنية احتلت بريطانيا فيها معظم دول العالم وانتهت، وجميع الدول التي احتلتها بريطانيا لديها علاقات ودية وحميمية وفق تبادل للمصالح المشتركة، وهذا ما سعى إليه اللواء عيدروس الزبيدي في زيارته إلى بريطانيا، والتعبير عنه في محادثاته وخطاباته.

فالزيارة حملت أبعادا سياسية هامة وتعتبر نقلة نوعية في السياسة الخارجية الجنوبية، فاختيار بريطانيا كأول دولة في جولته الخارجية ولقائه بالبرلمان البريطاني هي “ضربة معلم”، وتجديد للعلاقات والشراكة التاريخية الإستراتيجية بين الجنوب العربي وبريطانيا، وتعزيز أواصر التعاون المشترك بحكم الإرث الثقافي والسياسي بيننا بما يحقق مصالح الشعب في الجنوب، وسيكون لهذه الزيارة تأثير إيجابي، وستسرع من خطوات استعادة الدولة لأن بريطانيا صانعة القرار في العالم وهي الصندوق الأسود الذي يحوي أسرار الأنظمة الحاكمة حول العالم.

أضف إلى ذلك أن الزيارة جاءت وسط تحديات تشهدها عملية السلام في اليمن وتنفيذ اتفاق ستوكهولم والجهود التي تلعبها بريطانيا في عملية السلام وإيقاف الحرب، في الوقت الذي أثبت الانتقالي الجنوبي سيطرته على الأرض في المناطق الجنوبية المحررة وتثبيت الأمن ومحاربة الإرهاب، فبريطانيا جادة في مساعيها في إنهاء الأزمة اليمنية، والجنوبيون جادون ويبحثون عن السلام الحقيقي والعادل والعدالة لقضيتهم، وقد نلاحظ تقارب وتنسيق أكثر في الأيام القادمة بيننا وبين البريطانيين.

بعد زيارة بريطانيا توجه اللواء عيدروس الزبيدي إلى روسيا الحليف السابق لدولة الجنوب العربي أيام نظام الاتحاد السوفييتي الإمبراطورية الكونية التي تحارب المعسكر الغربي، وعودتنا اليوم إلى موسكو ستكون وفق مفاهيم جديدة للصداقة والشراكة قائمة على الأساس التجاري والاقتصادي والمنفعة وليست على التبعية والعقائدية كما كان عليه الحال في السابق أيام الحزب الاشتراكي اليمني، فالاتحاد السوفييتي ظفر بجزء كبير من وثائق وأدبيات وتاريخ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عقب خروج بريطانيا في الستينيات حتى التسعينيات من القرن الماضي.

الزيارة لبريطانيا وروسيا وما ستليها من زيارات إلى أمريكا وغيرها من الدول ضمن خارطة التحرك الدبلوماسي الدولي لرئيس المجلس الانتقالي ستكون فرصة لتبديد شكوك تلك الدول عن رؤية المجلس الانتقالي لحل القضية الجنوبية حلا عادلا يرتضيه الشعب ويحقق طموحاته، وتطمينات عن الأوضاع في الجنوب فيما إذا سلّمت إدارته للجنوبيين، خصوصاً بعض الدول التي كانت ومازالت لديها مصالح في الجنوب، فهذه الزيارة توصل رسالة مفادها أننا نلتزم بالاتفاقيات ونحترم المعاهدات ونحارب الإرهاب ونؤمّن مصالح تلك الدول الشقيقة والصديقة.