قليل من العقل مطلوب

الخلاف ليس حول عودة الميسري ومن معه من الجنوبيين،فلم يتم إخراجهم عنوة حتى نتحدث عن العودة من عدمها، فهم وبرغم انحيازهم الى جانب سلطة وحكومة تحارب الجنوب جهرة، وبرغم تنصلهم عن الاتفاق الذي ابرمه الميسري مع قيادات الانتقالي لاحتواء الوضع قبل تفجره بدماء جنوبية، نقول أنه برغم ذلك لم يتم إرغامهم على الخروج، ولا يمنعهم بالتالي أحد من العودة كجنوبين- فهذا وطنهم وربعهم- وليس كمسئولين سياسيين بحكومة وسلطة تواصل إعلان عدائها الصريح للجنوب وترفض حتى الحوار معه.
الخلاف معه أي الميسري وغيره من الجنوبيين يتمحور حول نقطة واحدة وهي محاولة إعادة القوات العسكرية والجماعات المسلحة الشمالية الى الجنوب، فهذه العودة المسلحة يتم رفضها والتصدي لها كون لها غرض لئيم يعلمه الجميع وأولهم الميسري.
فالرفض الجنوبي لدخول هذه القوات الى الجنوب له ما يبرره، حيث وأن القضية الجنوبية لم يتم حلها بعد، ولم يتم الاتفاق على شكل الدولة المستقبلية ومصير الجنوب، بل وحتى لم يتم الاعتراف بها كقضية سياسية وطنية تستحق أن توضع فوق الطاولة،فما تزال الاطراف ترفض حتى مجرد الجلوس على طاولة واحدة مع كل جنوبي يتبنى القضية الجنوبية تبنياً حقيقياً.

ففي ظل ظروف كهذه فأن القبول بدخول هذه القوات فضلاً عن المشاركة بإدخالها الى الجنوب هو الخذلان والجنون بعينه,كونه يعني بالضرورة تمكين الاحتلال من الجنوب مرة أخرى.فكيف لا يمكن التوجس هذه القوات الهائلة النظامية والغير نظامية، ومن نوايا أصحابها،وممن يساندها من الجنوبيين،وهي تندفع بتلك السرعة وبتلك الضخامة والتسليح وفي وقت ما زال حل السياسي غائباً أو بالأحرى مغيباً عن قصد، بل قل وفي ظل إصرار هذه السلطة على تنفيذ مشروعها السياسي بكل عجرفة. وفي وقت يُــقتل فيه كثير من الجنوبيين بالشمال وهم يقاتلون للأسف بصف سلطة ليس فقط محتالة، بل وتيمم وجهها العسكري جنوبا!
....قليلاً من العقل مطلوب.