كيف توحش الفساد في دبلوماسية الخارجية اليمنية!

استقالة السفير اليمني لدى اسبانيا نبيل ميسري من منصبه كسفير، يأتي بعد تراجعه عن قبول منصب نائب وزير الخارجية، لأسباب تتعلق بتغول الفساد المتوحش داخل أروقة الوزارة والسلك الدبلوماسي وبعد تأكيده بتورط قيادة الوزارة بفضيحة تعيين مزور هويات وجوازات دبلوماسية كمحقق معه مكلف من وكيل الوزارة للشؤون المالية والإدارية أوسان العود، الذي وصفه بالفاسد الأكبر داخل الوزارة، بدلا من تجاوبه وقيادة وزارته مع خطاباته ومذكراته السابقة إليهم بضرورة تشكيل لجان تحقيق في الفساد المستشري داخل الوزارة والذي أكد أنه يصل إلى نهب مئات الملايين من الدولارات وخاصة من حسابات الوزارة بالرياض والدخل الإضافي، سيما حسابات "قنصليتنا بجدة" ، إضافة إلى الوظائف والتعيينات الوهمية الممتدة بالوزارة منذ ٢٠١٥م، أي فترة تولي عبدالملك المخلافي وعائلته، قيادة تلك الوزارة المنخورة بالفساد من أعلاها حتى حارس بوابتها مع الأسف.

وختم السفير الجنوبي نبيل ميسري، مذكرة استقالته الجريئة للرئيس هادي بتأكيده أنه "لم يعد يتشرف بالعمل سفيرا لليمن لدى مملكة اسبانيا حفاظا على سمعته المعروفة للجميع"، وكأن لسان حاله يضيف، وطالما وقد وصل الفساد إلى درجة تكليف مروان نعمان السفير المعروف بفساده في تاريخ الوزارة وسوابقه غير المشرفة للدبلوماسية اليمنية، للتحقيق معي.

وجدت نفسي مرغما على قراءة مذكرة استقالته الشجاعة أكثر من مرة بعد ان وصلتني أمس عبر" واتس آب"، ولم أتمكن من قراءتها الا مع اذان فجر اليوم. وبعد الانتهاء من قراءتها قلت مخاطبا نفسي :كم كنت عظيما وشريفا وشجاعا يا معالي الوزير المستقيل من الخارجية خالد اليماني، حفاظا على سمعتك وبعد أن فشلت في إيقاف اي من ممارسات الفساد المهين الذي ينخر الوزارة بشكل صادم وطارد لكل شخص ما يزال لديه أدنى درجة من الوطنية واحترام نفسه وسمعته وذاته.

و للأمانة فقد وقفت مع نفسي وحاولت تصور نوعية ودرجة ومستويات هذا الفساد المتوحش وكيف وصل إلى درجة مطاردة كل من لايزال في قلبه مثقال ذرة من ضمير أو وطنية وإنسانية، اذا ما أيقنا ان مستوى الفساد في وزارات ومؤسسات حكومة شرعية المنفى، أصبح أمرا طبيعيا، حد بيع قرارات تعيين حسب الطموح والامكانية المالية للدفع.

ولكن الأمر الأخطر من كل هذا، يتمثل في كيفية تحول آفة الفساد، إلى ثقافة يتباهى بها الفاسدون اليوم في بلدي المنكوب، ويتشرفون بتوريث اساليبها اللصوصية لأولادهم وأقاربهم ومقربيهم باعتبارها ذكاء وشطارة وتوعا من الفهلوة والحكمة وحسن التصرف والتدبير، وهنا الكارثة التي يجب على كل شريف ان يقف أمامها بمسؤولية من أي موقع كان، وليس انتقاما لغياب أو فقدان مصلحة ما، وإلا فإن على اليمن السلام.

وعليه.. يمكن التساؤل :ماذا لو كل مسؤول خاف الله في عمله وتجاه وطنه وشعبه وخشي على الاقل على سمعته وراجع ضميره، ورفض القبول بالاستمرار في عمله الموبوء بالفساد وقدم استقالته بكل قناعة وطنية وشجاعة أدبية وأخلاقية..

هل سيبقى للفاسدين ومن يحاول فرضهم، مكانة بيننا وفي قيادة دولتنا؟

اقسم أنهم لن يجرؤون على الاستمرار بفسادهم على حسابنا جميعا، أو البقاء في مناصبهم خشية انتقامنا وردة فعل العقلاء والشرفاء منا وتجنبا أيضا لمحاكمتهم شعبيا و اخلاقيا وتعريتهم ولو إعلاميا وعبر شبكات التواصل المجتمعية المتاحة للجميع.

ومن هنا ولدت فكرتنا بضرورة تأسيس تكتل إعلامي لمحاربة الفساد، بأقرب وقت وعرضنا فكرتنا مؤخرا على أكثر من جهة دولية معنية على أمل تجاربها معنا ومشاركتنا تأسيس تكتلنا الاعلامي تحت مسمى (اعلاميون ضد الفساد) وشعار :ادعمنا بمعلومة صحيحة أو وثيقة مؤكدة.