الشرعية تمضي في طريق الذهاب بلا عودة

الثلاثاء 3 مارس 2020 20:01:00
الشرعية تمضي في طريق الذهاب بلا عودة

رأي المشهد العربي

تركيز وسائل إعلام الشرعية وغيرها من القنوات التابعة لقطر وتركيا على سقوط محافظة الجوف يبرهن على أن هناك احتفاءً غير مباشر بما جرى، وكأنها كانت تقصد هذا السقوط نكاية في التحالف العربي الذي يرفض الانصياع إلى رؤاها الرافضة لتنفيذ بنود اتفاق الرياض، لكنها لا تدرك أن سقوط ثاني أكبر المحافظات يعد سقوط لها في المقام الأول وليس لأي طرف آخر.

تنظر الشرعية أو على الأدق مليشيات الإخوان المهيمنة عليها، إلى سقوط الجوف باعتباره مجموعة من المكاسب، على اعتبار أن انسحاب الشرعية من الحزم يضمن علاقات متطورة مع المليشيات الحوثية التي سلمتها الجبهات، وكذلك فإن سقوط الجوف يجعلها تدفع بكل قوتها إلى الجنوب الذي يعد هدفاً أساسياً للشرعية لاعتبارات تاريخية وسياسية واستعمارية عدة، بالإضافة إلى أنه يبدد أي حديث عن تطبيق اتفاق الرياض في الوقت الحالي.

لكنها لا تدري أن خسارتها محافظة الجوف قد يجعلها تمضي في طريق الذهاب بلا عودة، لأن مناطق نفوذها تقلصت بصورة كبيرة خلال الأشهر الأخيرة بعد أن خسرت مواقع عدة في نهم ومأرب بالإضافة إلى الجوف، وقبلها تعرضت للطرد من العاصمة عدن، وهو ما يجعلها الطرف الأضعف في المعادلة، وأن ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على أي مباحثات تدخل فيها مستقبلاً.

دائما ما كانت ترتكن الشرعية على قوتها على الأرض في أي مفاوضات تجريها مع المليشيات الحوثية، غير أن الوضع تغير في الوقت الحالي، وهو ما يجعلها تنتظر ما تسفر عنه التوافقات الإقليمية بين قطر وتركيا وإيران لتقسيم التركة بينها وبين المليشيات الحوثية وفي كلا الحالات فإنها ستكون الطرف الأضعف أيضاً.

يمكن القول بأن الشرعية ما قبل سقوط الجوف تختلف عما بعدها، حتى على مستوى علاقتها مع التحالف العربي الذي أدرك أنه يتعامل مع مجموعة من الخونة ليس لديهم انتماء ولا عهود، وهو ما سينعكس بالطبع سلباً على العلاقة بين الطرفين وستكون الشرعية أيضاً هي الطرف الخاسر لأنها من المستحيل أن تستمر في سياسية اللعب على جميع الحبال، وسيكون عليها إظهار مزيد من الولاء إلى محور الشر "التركي القطري الإيراني".

الهزائم الميدانية التي تُمنى بها الشرعية تؤثر سلباً على تماسكها وسط خلافات وتباينات عدة ظهر بعضها على السطح نتيجة تسليم الجبهات بتلك الكيفية التي بها قدر كبير من الاستسلام، وهو أمر يرفضه بعض كوادرها الذين يروا أنها تمضي في الطريق الخاطئ، وهو ما ينبأ بإمكانية خروج انتقادات علنية من داخلها على ما يجري حالياً من انتكاسات.