الإندبندنت: مريضات سرطان الثدي في إنجلترا يخشين الموت مبكراً بسبب كورونا

السبت 23 مايو 2020 01:47:44
الإندبندنت: مريضات سرطان الثدي في إنجلترا يخشين الموت مبكراً بسبب كورونا

يقبع أصحاب الأمراض الخطيرة كالسرطان تحت ضغط نفسي كبير، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث حذرت مؤسسة خيرية رائدة في بريطانيا من أن الآلاف من النساء اللواتي يكابدن سرطان الثدي غير القابل للشفاء يعتريهن قلق كبير بشأن احتمال أن يفقدن حياتهن قبل الأوان، نتيجة جائحة كورونا التي تعوق علاجهن.

إذ ذكرت جمعية "بريست كانسر نَاو"[= "سرطان الثدي الآن"] Breast Cancer Now أن مريضات سرطان الثدي يخشين أن يفارقن الحياة في وقت أقرب مما يتوقع بسبب إلغاء الجراحات والتجارب السريرية، ومواجهة صعوبات في الحصول على أدوية كالعلاج الهرموني، فضلاً عن التأخر في العلاج والفحوص.

وتشخص كل عام إصابة نحو 55,000 إمرأة بسرطان الثدي في بريطانيا، 18,000 من هذه الحالات كُشفت بفضل الفحوص التي توفرها عيادات متخصصة.

وكذلك وجدت تلك المؤسسة الخيرية التي استطلعت آراء ما يربو على 580 مريضة مصابة بسرطان الثدي في بريطانيا، أن أعداداً كبيرة من مريضات سرطان الثدي المنتشر [بمعنى وجود أورام خبيثة في أمكنة عدة من الجسم، إضافة إلى السرطان الرئيس في الثدي] شهدن تغيراً في علاجهن الكيماوي أو العلاج الموجه [علاج يعوق نمو وانتشار الخلايا السرطانية على وجه التحديد] أو أُرجئت مؤقتاً علاجاتهن الرامية إلى تحسين مناعتهن.

وأشار نشطاء إلى أن تلك الحالة تؤدي إلى تأخير مريضات سرطان الثدي أسابيع أو حتى أشهراً عن تلقي علاج من شأنه المساعدة في ضمان عدم تفاقم السرطان لديهن.

ويلفت أيضاً إلى أن اللجوء إلى خدمة "آسك أَوَر نورسيس" [= "إسألن ممرضاتنا") Ask Our Nurses التابعة لمؤسسة "بريست كانسر ناو" شهد زيادة بـ60 في المئة في مارس (آذار) الماضي، نتيجة القلق الذي يعتري المريضات بشأن كيفية تأثير أزمة "كوفيد 19" في أوضاعهن.

ذكرت "بريست كانسر نَاو" أن بعض المريضات أبدين قلقهن بشأن جدوى العلاج الذي يتلقينه، وكذلك مدى تطور السرطان لديهن، بسبب تأجيل الفحوص الطبية المطلوبة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر في سياق حالة الفوضى المُصاحِبَة لفيروس كورونا.

وكذلك نبهت المؤسسة الخيرية إلى أن تلك المسائل، إلى جانب التراجع الحاد في عدد الإحالات المتصلة بإمكانية الإصابة بسرطان، التي أبلغت عنها مؤسسات هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) في أبريل الماضي، في مقدورها أن تؤدي إلى ارتفاع في حالات السرطان المُكتشفة في مرحلة يصعب علاجه.

كذلك وجد باحثون أن فحوص المتابعة الخاصة ببعض النساء اللواتي خضعن للعلاج بسبب سرطان أساسي في الثدي، قد أُرجئت إلى وقت لاحق.

في المقابل، توصلت الدراسة إلى أن المريضات اللواتي يعانين سرطان الثدي المنتشر أكثر ميلاً إلى التعبير عن شعورهن بالإحباط بخصوص مواجهة مشكلات العلاج خلال أزمة "كوفيد 19"، بالمقارنة مع المصابات بسرطان أساسي في الثدي.

واحدة من تلك النساء كارين هيلتون التي شُخصت بالإصابة بسرطان الثدي النقيلي في سبتمبر (أيلول) 2018، وكان ذلك بعدما لاحظت وجود كتل في عظم الترقوة لديها. حاضراً، تعرقل علاجها بشكل كبير أيضاً بسبب فيروس كورونا.

تتحدر تلك المرأة (48 سنة) من "دالكيث" في اسكتلندا، وكان مقرراً أن تتزوج في أبريل الماضي من أليستير شريكها الذي تجمعها به علاقة عمرها 10 سنوات. وقد أرغم الشريكان على إلغاء زفافهما بسبب قواعد التباعد الاجتماعي التي فرضتها الحكومة البريطانية.

في هذا الصدد، ذكرت هيلتون، "في بادئ الأمر، نجح العلاج بشكل فاعل. لكن، يبدو أن السرطان يشق طريقه ويعود مرة أخرى. للأسف، لم يتبق لدي خيارات كثيرة، ومن بينها تجارب علاجات جديدة ربما تكون الأخيرة للحيلولة دون فقداني حياتي. وفي الوقت الحالي، بسبب "كوفيد 19"، لا يمكنني الوصول إلى تلك العلاجات، ولا أعرف كم من الوقت ستستغرق التجارب السريرية كي تصبح متاحةً من جديد. أريد أن أرى ابني يكبُر، وينفطر قلبي إذ أتصور أن ذلك لن يتحقق ربما".

أضافت هيلتون، "اتبع علاجي الحالي منذ بضعة أسابيع، ولكن العلاج الكيماوي الذي يُعطى لي يمكن أن يؤثر في تعداد مُكونات الدم لدي، وإذا انخفض الأخير بشكل كبير، ربما اضطر إلى التوقف عن العلاج. ستتبين الأمور كافة في اللحظات الأخيرة".

"أريد أن أخرج وأجد طريقي لتحقيق لائحة أمنياتي وخطط السفر كافة الخاصة بي. وفي هذه المرحلة من حياتي، أجدني عاجزةً عن ذلك. لا أستطيع حتى الذهاب لارتشاف القهوة مع صديق. إنه أمر صعب بالنسبة إلي وعائلتي. مع أنه من المرعب أن أتعايش مع هذا السرطان، أحيا أيضاً على أمل أن أحصل على العلاج الذي أعوزه"، بحسب هيلتون.

في ذلك الصدد، جاءت تحذيرات مؤسسة "بريست كانسر ناو" في أعقاب مخاوف متنامية من أن الاستجابة الطارئة لوباء فيروس كورونا ستترك عواقب صحية أوسع نطاقاً، وأنها تسفر أصلاً عن تزايد في أعداد الوفيات الناجمة عن أسباب أخرى.

في هذا السياق، كشفت دراسة صادرة عن "كلية لندن الجامعية" UCL نُشرت الشهر الماضي، أن قرابة 18 ألف شخص مهددون بالموت نتيجة السرطان خلال العام المقبل في إنجلترا من جراء التأثير الثانوي لوباء كورونا الذي لا يتسبب بوقف العلاجات فحسب، بل يحرم الناس من الوصول إلى الرعاية الصحية أيضاً.

تطرقت إلى هذه المسألة البارونة ديليث مورغان، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "بريست كانسر ناو".

وقالت، "يساورنا قلق بالغ إذ نعلم عن التأثير النفسي الهائل الذي تخلفه الجائحة لدى أشخاص كثيرين مصابين بسرطان الثدي المنتشر. تعاني نساء كثيرات أو يواجهن تغيرات جمة في رعايتهن، ومستوى القلق والضيق والخوف الذي استمعنا إليه عبر خط المساعدة الخاص بنا، لم تشهد السنوات الأخيرة له مثيلاً".

أردفت البارونة "ربما يكون العيش مع سرطان الثدي المستعصي أمراً صعباً بما يكفي، لكن مؤلم تماماً أن يُضاف إلى ذلك الالتباس الشديد بشأن الاضطرار إلى وقف العلاجات التي ربما في مقدورها أن تطيل حياتك، أو ربما ألا يكون في استطاعتك الوصول إلى العلاج أو التجربة التالية التي كنت تعتمد عليها".

ووفق كلمات مورغان، "لقد عمل أطباء "الخدمات الصحية الوطنية" NHS وباحثون وخبراء في شتى أنحاء العالم بشكل سريع من أجل إيجاد بروتوكولات جديدة من شأنها توجيه القرارات العلاجية خلال الوباء. ونأمل في أن لا تفضي التغيرات أو التأخير الوجيز الذي طاول علاج مجموعات كثيرة إلى تأثيرات مهمة طويلة الأجل. وفي المقابل، لا نستطيع الآن التخلي عن المصابات بسرطان الثدي المنتشر في وقت يحتجن فيه إلى الدعم والفعل والأمل. ومع تطوير استراتيجيات تعويضية لعلاج السرطان في المرحلة المقبلة من الوباء، من الضروري التعرف إلى حاجات المريضات المصابات بسرطان مستعصٍ، وتلك حالات تتعرض لكثير من التجاهل، وتفقد حظوظها في العلاج".

وأخيراً، حثت البارونة أي شخص لديه مخاوف بشأن علاج سرطان الثدي على الاتصال بخط المساعدة المجاني في المملكة المتحدة 0808 800 6000.


وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد أعلن عن "خطة مشروطة" للتخفيف من حالة الإغلاق العام الحالية.

وأعلن أنه ابتداء من يوم 13 مايو سيسمح للأشخاص بتمضية وقت أطول خارج منازلهم، محذرا من خطورة حدوث ذروة ثانية لتفشي الوباء.