الزيدية السياسية وشهية التوسع

منذ تأسست المملكة المتوكلية الهاشمية في عام ١٩١٨ ذات العقيدة الزيدية دخلت في حروب وصراعات مع سلطنات ومشيخات الجنوب السنية التي غلب عليها طابع المدرسة الصوفية الحضرمية التي عاشت على مدار عقود صراعات مع الطموح الزيدي السياسي الراغب بالسيطرة والنفوذ على الكتلة الجغرافية .

الزيدية السياسية ظلت في ركن من شبة الجزيرة العربية ودخلت في حروب للتوسع على حساب الشوافع الذين كانوا يستندون على سلطنات قوية كالقعيطية والكسادية والواحدية والعبدلية التي تمتمد من باب المندب غرباً وحتى ظفار جنوب السلطنة العمانية التي بدورها خاضت صراعاً متأخراً تاريخياً.

في الخريطة التالية توضح السلطنات والمشيخات التي كانت تحت الانتداب البريطاني حتى الجلاء في ١٩٦٧، ويلاحظ أن هذه السلطنات وأن كانت تمثل ٢٣ سلطنة ومشيخة غير أنها تجتمع في المذهب الشافعي السني الذي أخمد الطموح الزيدي وجعله محشوراً فيما يسمى الهضبة الزيدية في شمال اليمن.

بعد جلاء الاستعمار البريطاني ورثت الجمهورية العربية اليمنية المملكة المتوكلية بما يعرف تاريخياً بالانقلاب داخل البيت الزيدي وهو ما اصطلح بتسميته تزويراً ثورة الضباط الأحرار في سبتمبر ١٩٦٢ وتقاسم زيود الهضبة شمال اليمن بالعقيدة الزيدية وظل طموحهم الجغرافية الشافعية.

تحقق حلم الإمامة في ٢٢ مايو ١٩٩٠ بأعلان الوحدة اليمنية ولذلك حظيت الدولة الجديدة بمباركة المرجعيات الشيعية في ايران والعراق فالمضمون العميق كان في استحكام الزيدية بالحزام الجنوبي من الجزيرة العربية، ولم يكن تآمر صنعاء بعد غزو الكويت سوى تأكيد على نوايا التوسع كذلك نحو مكة.

في الخارطة التالية تظهر خريطة ما يسمى عند اصحاب المذهب الزيدي باليمن (الكبير) وتظهر طموحاتهم واضحة في الأراضي السعودية وكذلك في مشيخات وسلطنات الجنوب العربي وصولاً إلى ظفار في سلطنة عُمان.

دعوة استقلال الجنوب تقطع الطريق على (اليمن الكبير) وتعيده محشوراً في جزيرة العرب ككيان قبلي مستدام الصراعات، لذلك افتعلت الأزمات في المهرة وسقطرى ووادي حضرموت لتعزيز القوة العسكرية تحت ما يسمى الشرعية لمنع فرصة استقلال الجنوب عن الشمال خشية فقدانهم النفوذ على السواحل.

الزيدية السياسية تظل خطراً كامناً على شعوب شبة الجزيرة العربية ذات الأغلبية السنية، والبعد القبلي الذي ارتبط بالتنظيم الدولي للإخوان مازال متوحداً مع البعد الشيعي على ضرورة استكمال (اليمن) كحلم يمني تشكل على مدى قرون بعيدة، فحتى اليساريين الزيود متوافقين على اليمن الكبير.

الرهان القائم داخل البيت الزيدي على أن تمضي أيام عاصفة الحزم ببقاء الوحدة اليمنية كثابت من الثوابت وبعدها يتم انتظار اقتناص فرصة كما حاولوا في عام ١٩٩٠ بعد غزو العراق للكويت، لذلك تسعى الأجنحة الزيدية في الشرعية مع الحوثية حتى التوافق على صيغة سياسية تبقي الحال على ما هو.

في لقاء وزير خارجية اليمن محمد الحضرمي مع قناة بي بي سي أكد على جزئية التوافق بين الشرعية والحوثيين وليس ابعاد الحوثي عن السلطة فكلاهما مجرد جناحين لمشروع مذهبي واحد يرى الخصم في شوافع محيطه داخل الجزيرة العربية.