ماذا بعد اجتماع الرياض؟؟


بخلاف كل التوقعات والتنبؤات والتسريبات عن وفاة الرئيس هادي، التي جرى نشرها هنا وهناك والابتهاج بها من قبل الكثير من المواقع الإخوانية والمؤيدة لها ومن قبل سياسيين وحقوقيين (شرعيين) كانوا يعدون العدة لما بعد هادي، ومنهم من حدد اسم الرئيس القادم وآخرون تحدثوا عن مجلس رئاسي لخلافة الرئيس هادي، بخلاف كل هذا صدم الرئيس هادي جميع الذين أعدوا بيان النعي ومقالات الرثاء، ودعا إلى اجتماع لمستشاريه وكبار المسؤولين في سلطته، ليقول لهم: أنا ما زلت حياً وأمتلك القدرة على كشف كل إلاعيبكم وإحباط تمنياتكم وتخييب توقعاتكم.
قد لا يكون الاجتماع الذي شهده قصر المؤتمرات بالعاصمة السعودية الرياض يوم (السبت 27/6/2020م)، قد لا يكون بذاته مهماً إلى درجة المصيرية، وبغض النظر عن خطاب الرئيس الذي اكتنفته الكثير من المفردات الإخوانية الواضحة، خاصة في ما يتعلق بالجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتفاعلات والمعارك العبثية التي تخوضها قواته في أبين وشبوة ضد الشعب الجنوبي، أقول بغض النظر عن كل هذا فإن الأهمية ليست لا للخطاب ولا للأفراد الذين حضروا الاجتماع، بل إن المهم هو "عماذا سيتمخض الاجتماع"؟
التسريبات التي تناقلها ناشطون إعلاميون معتبرون ومقربون من بعض من شاركوا في جلسات الاجتماع تقول أن اللفيف الذي شارك في اللقاء شهد انقساماً حاداً حول قضيتين: 
• الموقف من المشاركة الإماراتية في قوات التحالف العربي والعلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بشكل عام.
• الموقف من اتفاق الرياض ومن ثم من المجلس الانتقالي والأوضاع في الجنوب عموما.
الجناح المتطرف طالب بالإعلان عن إنهاء "دور الإمارات العربية المتحدة" في قوات التحالف العربي وبعضهم طالب بـ"قطع العلاقات معها"، والإبلاغ عن فشل "اتفاق الرياض" وتحميل المجلس الانتقالي مسؤولية تعطيلهم لهذا الاتفاق.
وقد رد عليهم الرئيس بأن التحالف العربي جزء لا ينقسم أو يتجزأ وقال بعض الذين شاركوا في الاجتماع أن الرئيس قال للمطالبين بطرد القوات الإماراتية: إذا خرجت القوات الإماراتية فجهزوا أنفسكم لترديد الصرخة أي "الصرخة الحوثية"، إما فيما يخص اتفاق الرياض فقد أصر الرئيس هادي على أهمية تنفيذ الاتفاق مع السماح له بإعادة ترتيب الأولويات في ضوء المتغيرات التي جرت منذ التوقيع على الاتفاق.
لكن الكثيرين من قليلي الصخب وهم أغلبية الحاضرين في اللقاء آثروا التوافق مع خطاب الرئيس الساعي إلى لملمة القوى الرافضة للمشروع الإيراني والتركيز على حشد كل القوى والطاقات للتصدي للمشروع الحوثي والسير باتجاه تحرير العاصمة صنعاء.
من المؤسف أن من يصنع القرار السياسي في اليمن عموماً وفي ظل هذه الشرعية المزدوجة بالذات ليست المؤسسات المختصة ولا المتخصصون المحترفون (التكنوقراطيون) المدركون لأبعاد ونتائج كل خطوة يتخذونها، بل إن الكثير من النافذين يبدون موافقتهم على ما تقرره المؤسسات لكنهم على الصعيد الفعلي لا يتحركون إلا لتعطيل ما تعهدوا به لشركائهم أو ما وقعوه مع خصومهم أو أصدقائهم من مواثيق وعهود أو حتى ما وجههم به رئيسهم.
ومن هنا يبدي الكثير من المتابعين عدم اكتراث بحديث رئيس الجمهورية عن التوجيه بوقف إطلاق النار في مواجهات أبين العبثية، الذي اعتبره الكثيرون اعترافا ضمنيا بأن قوات الشرعية هي من بدأ إطلاق النار، ومبعث عدم الاكتراث يكمن في أن القائمين على الملف العسكري والأمني هم من المتعطشين للحروب ليس فقط لأنهم يفضلون دخول عدن بالقوة (كما تصور لهم مخيلتهم) لكن لأن الحرب مصدر من مصادر الإثراء ولذلك سيفتعلون مختلف المبررات لاستمرار التصعيد لجر القوات الجنوبية إلى مواصلة المواجهة.
وفي ما يخص اتفاق الرياض  فإن الرهان الوحيد هو على ضغط الرعاة الإقليميين على الجانب الحكومي للالتزام بما تضمنه الاتفاق ويرى بعض المراقبين أن التراتبية الزمنية لتنفيذ الاتفاق يجب أن تراعي المتغيرات التي جرت على الساحة الجنوبية، خصوصا إصرار القوات الحكومية على التعامل مع القوات الجنوبية التي يقضي الاتفاق بضمها إلى وزارتي الدفاع والدلاخلية ، التعامل معها كقوة معادية، إذ كيف يمكن أن تخضع هذه القوات (الجنوبية) لمن يراها عدواً؟
أهمية اجتماع الرياض تكمن في ماذا بعد الاجتماع: إسلم وتوافق وإخماد للحرب المفتعلة في أبين وشبوة وبناء سلام في مناطق الجنوب والشروع في إعادة الإعمار، وتوجيه فوهات البنادق والمدافع باتجاه صنعاء؟ أم استمرار تدمير الجنوب وحرب الخدمات على أبنائه وتسليم الحوثيين مزيداً من المديريات والمواقع وتوجيه السلاح صوب أبين وعدن؟
ذلك ما ستكشف قادمات الأيام..