لماذا الإصرار العجيب على الإبقاء على حكومة بن دغر ؟؟

 كنا توقعنا أنه بعد استقالة محافظ  عدن  المفلحي وما عُرِفَ عن هذه الشخصية من استقامة وقدرات  وحيادية ، الذي ارجع سبب استقالته  إلى  عرقلة حكومة بن دغر لجهوده  وجهود  التحالف المتواصلة لتطبيع   الحياة في المحافظة ،  وتحسين الخدمات فيها ، وتحول هذه الحكومة  إلى قلعة حصينة  لحماية الفساد والفاسدين ، أن يتم توقيف هذه الحكومة ورئيسها  وإحالتها إلى التحقيق في كل التهم التي نسبت إليها ، لكنَّ شيئاً من ذلك لم يحصل ، وكأن ماتقوم به مبارك ومرعي ومخطط له من قبل شرعية  الرياض ، وصمت التحالف العربي  عن هذا العبث  الذي  تمارسه  ،  وفساد هذه الحكومة وفشلها واضح للعيان ، فتدهور الوضع الإقتصادي  والإنهيار المستمر في الريال اليمني ، وتأخير دفع مرتبات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين ، العاملين منهم والمتقاعدين  لعدة شهور ، تردي خدمات الكهرباء والمياه والصحة ، الإختناقات المستمرة في المشتقات النفطية ، وانتشار السوق السوداء ، الفوضى الأمنية  التي تشهدها بعض المناطق المحررة ، التي لازالت تتواجد بها قوات عسكرية تابعة للشرعية أسماً  ،  بالإضافة إلى ذلك كله  وهو الأسوأ ،   محاولاتها المستمرة  لنكىء جراحات صراعات المراحل الماضية ، لخلق فتنة وإقتتال جنوبي جنوبي ، لتوظيفه سياسياً، لخلق مزاج معادي للقضية الجنوبية  وأفق حلها بشكل عادل يستجيب   لتطلعات الجنوبيين وحقهم  في  تقرير المصير .

 ويأتي أكبر فشل لهذه الحكومة ، هو عجزها عن حسم المعركة وإسقاط الإنقلاب     وإعادة الشرعية ، في ظل حرب مدمرة تدخل عامها الرابع ، مخلفة  آلاف القتلى والجرحى ، وظروفاً إنسانية كارثية ، تعيشها معظم مناطق البلاد ، في الوقت نفسه ،  إنعدام أية مؤشرات إيجابية تبشر بوضع نهاية لهذه الحرب الكارثية ، أو حسم عسكري لصالح الشرعية ، لكن للأسف الشديد على مايبدو أنَّ هناك من جنرالات  الحرب ، وتجار الحروب من كلي  الطرفين  ، مَنْ  لايريد للحرب أن تتوقف ، لأنها بالنسبة لهم  قد تحولت إلى وسيلة للكسب  والإثراء على  حساب الآلاف من الناس المشردين  والجوعى ، وهذا مايؤكده افتتاح عشرات المشاريع الضخمة تعود ملكيتها ليمنيين في كل من تركيا ، مصر ،قطر ، لبنان ،  صنعاء  وغيرها من بلدان العالم ،  وبناء الفلل الضخمة ، ً وإقامة حفلات الزواج الفارهة  للأبناء في أرقى الفنادق ، واستئجار العمارات بمبالغ  عالية تفوق دخولهم الشهرية ، في الوقت الذي يتسول   المواطن اليمني قوت يومه  ويعجز  عن  تطبيب إبنائه  .

 أبناء عدن  والجنوب قد ضاقوا ذرعاً من تعسفات حكومة بن دغر ، وممارساتها الإستفزازية وتعمدها تجاهل معاناتهم اليومية ،  وإصرار الشرعية بجناحيها الشمالي والجنوبي على فرضها والإصرار على بقائها بقوة السلاح   ، متجاهلين بذلك معاناة الجنوبيين  ورفضهم لهذه الحكومة ، وعندما أرادوا الإحتشاد  سلمياً في الثلاثين من يناير ٢٠١٨ م ، لإسقاطها ، اطلقت النار عليهم وأُحْتِجزَت بعض الوفود القادمة  في المعسكرات ، من قبل ألوية الحراسة الرئاسية ، والقوات التابعة لوزير  الداخلية  ، وحدثت تلك المواجهات  المؤسفة في عدن ،   بعد تدخل قوات المقاومة الجنوبية لحماية المحتشدين السلميين ، وسقط عدد من القتلى والجرحى للأسف الشديد من كلي الطرفين ، ولولا تدخل قوات التحالف  العربي  وحمايتهم للحكومة ورئيسها في اللحظات الأخيرة ، لصار مصيرهم  في علم المجهول ، نظرا لحالة الإحتقان  والإمتعاض  الشديديْنِ في الشارع الجنوبي لأداء هذه الحكومة وممارساتها الإستفزازية .

  لكن مايدعو إلى التساؤل  والاستغراب ، هو تمسك جناحي  الشرعية بهذه الحكومة ورئيسها ، ليس لأنها ناجحة في عملها  ومحبوبة ، ولكن عاى مايبدو أنه نكاية بالجنوب وأبنائه ، فالجنوبيون في الشرعية لايحظون بشعبية وقبول في الجنوب ، والشماليون يريدون أن يظل الجنوب تابعاً لهم وتلك البقرة الحلوب التي تُمِدَّهم  بالثروة  والنفود ، وليس من أجل وحدة  ، قائمة على شراكة حقيقية وندية .