قم للمعلم

كنت قد تناولت في منشور سابق قضية إضراب المعلمين ومطالبهم الحقوقية، ولست بحاجة إلى تأكيد مشروعية هذه المطالب وأحقيتها، وهذه المشروعية وتلك الأحقية لا تنفصل عن كل ما يتصل بحقوق الموظفين الحكوميين (المدنيين والعسكريين) الذين يمضون شهورا متواصلة دون أن يتقاضوا مرتباتهم وهي الحق المشروع الذي يكفله لهم القانون اليمني.
كنت على يقين أن المعلمين، أصحاب أنبل وأهم مهنة تتصل بتربية الأجيال وزرع القيم وتوطين المعرفة وتنمية المهارات، يقدرون أهمية ما يقدمونه لتلاميذهم، فالمعلم ليس فقط موظفا حكوميا بيروقراطياً يتعامل مع الورق والملفات ولا مع الآلات والمركبات والمسامير بل إنه يغرس ذاته في تلاميذه، وحينما ينمو هذا الشعور لدى المعلم يتحول إلى حالة عاطفية يصبح الانفصال فيها بين طرفي العملية التربوية ـ التعليمية كانفصال جزء من الجسد عن بقية الأجزاء.
وإذا ما كانت مطالب المعلمين مشروعة كما يعلم الجميع شأنهم في ذلك شأن كل موظفي الدولة فإن المسؤولية القانونية والأخلاقية لا تقع على التلاميذ وأولياء أمورهم وهم متضررون من السياسات الرسمية لهذه الحكومة مثلهم مثل المعلمين وجميع الموظفين، بل تقع على السلطات (الشرعية) التي لا قامت بواجباتها كما تفعل كل حكوات الدنيا ولا اعترفت بفشلها واستقالت كما تستقيل كل الحكومات عند أصغر فشل. 
رفع إضراب المعلمين خطوة سليمة ومسؤولة ونبيلة تستحق التقدير والثناء والإشادة، لأنها تصب في اتجاه معالجة أزمة التعليم الذي تعرض للتدمير على مدى ربع قرن وجاءت جائحة كورونا لتضاعف من آثار هذا التدمير، وهذا بطبيعة الحال لا يعفي السلطات الرسمية من تحمل مسؤولياتها في منح المعلمسن حقوقهم دونما حاجة لدفعهم مرةً أخرى للإضراب. 
فتحية مضاعفة لزملاء المهنة النبيلة ولنتذكر دوما قول الشاعر العربي
قم للمعلم وفِّه البجيلا
كاد المعلمُ أن يكون رسولا