فحص اللعاب للكشف عن كورونا.. أقلهم آلماً

الأحد 4 أكتوبر 2020 01:00:14
فحص اللعاب للكشف عن كورونا.. أقلهم آلماً

أظهرت دراسات حديثة عن فحوصاً غير مؤلمة للكشف عن الإصابة بفيروس ‏كورونا المستجد عبر أخذ عينات من اللعاب لا تقل فاعلية في رصد العدوى لدى ‏المصابين ممن لا يشكون أعراضاً، بالمقارنة مع الاختبار المعتاد الذي يتطلب ‏إدخال مسحة عميقة في الأنف أو البلعوم، وفق دراسة صدرت حديثاً‎.‎

واقترح بعض العلماء تنفيذ برامج اختبارات جماعية لتحديد المصابين الفيروس، ‏من قبيل ما سمي "عملية مونشوت‎" operation moonshot [‎حرفياً "عملية ‏بمستوى القمر" في إشارة إلى طموحها الكبير] التي أطلقها بوريس جونسون رئيس ‏وزراء المملكة المتحدة. وكذلك اعتبر هؤلاء أن تلك البرامج تشكل وسيلة لتيسير ‏العودة إلى بعض السلوكيات التي كانت سائدة قبل الجائحة، بينما العمل جار على ‏خفض تفشي العدوى بشكل كبير‎.‎

في المقابل، يعتمد اختبار المسحة الحالي على تقنية "تفاعل البوليميراز المتسلسل" ‏‏(المعروف اختصاراً بـ"بي سي آر‏‎" PCR‎، ويرصد مكونات جينية في الفيروس). ‏وقد بات مستخدماً في معظم بلدان العالم، لكنه يتطلب وفرة في الأيدي العاملة ‏والموارد بغية تنفيذه بطريقة مجدية، وغالباً ما يوصف استعماله بأنه مزعج، إضافة ‏إلى أن المدة الفاصلة بين إنجاز الفحص والحصول على نتيجته تبطل فاعليته ‏كتصريح مرور شبه فوري يسمح بدخول الأماكن المكتظة بالناس، ومقرات العمل، ‏ومرافق التعليم‎.‎

في المقابل، أخضع اختبار اللعاب لدراسات من جانب باحثين في "جامعة هوكايدو" ‏الوطنية في اليابان، فأعطى النتائج في غضون 30 دقيقة، ولا يحتاج إجراؤه إلى ‏عاملين في مجال الرعاية الصحية، ولا يتطلب تحليل العينات أيضاً موظفين تلقوا ‏تدريباً علمياً‎.‎

تذكيراً، وجدت دراسات سابقة أجريت على مرضى "كوفيد- 19" يعانون أعراضاً، ‏أن اختبارات اللعاب المعروفة باسم فحوص "إر تي- لامب‎"RT-LAMP ‎، أقل دقة ‏بالمقارنةً مع مسحات الـ"بي سي آر". وفي المقابل، بحثت الدراسة الجديدة ‏المنشورة في مجلة "كلينيكال إنفكشيوس ديزيزيز‎" Clinical Infectious ‎Diseases (‎الأمراض المعدية السريرية) في مدى دقة فحوص اللعاب بالنسبة إلى ‏رصد العدوى المبكرة الخالية من الأعراض، وخلصت إلى نتائج شديدة الاختلاف ‏عن البحوث المشار إليها آنفاً‎.‎

في الدراسة الحديثة، أجرى العلماء اختبارات على عينات من المسحات وفحوص ‏اللعاب على حد سواء وعقدوا مقارنات بينها، مع الإشارة إلى أنها أخذت من زهاء ‏ألفي شخص في اليابان لم تظهر عليهم أعراض "كوفيد- 19‏‎".‎

وقد تبين أن معدل النتائج الموجبة (تأكيد الإصابة) غير الصحيحة لاختبار اللعاب ‏مشابه جداً لمعدلاتها في اختبار الـ"بي سي آر" المعتاد. إذ حدث اكتشاف العدوى ‏بشكل صائب لدى مشاركين يحملون الفيروس، بـ83 إلى 97 في المئة عند استخدام ‏فحص اللعاب، في مقابل 77 إلى 93 في المئة بالنسبة إلى المسحات‎.‎

واستطراداً، استطاع الاختباران كلاهما تحديد الأشخاص غير المصابين في ما ‏يزيد على 99.9 في المئة من الأشخاص المشاركين. وكذلك تشابهت نتائج التقنيتين ‏في رصد كمية الفيروس في الجسم، أو ما يسمى "الأحمال الفيروسية‎".‎

في ذلك الصدد، ذكر تاكانوري تيشيما، وهو الباحث الرئيس في الدراسة، أن ‏‏"اختبار اللعاب يتمتع بمزايا لوجستية كبيرة بالمقارنة مع اختبارات المسحات ‏البلعومية الأنفية الشائعة الاستخدام‎".‎

وأردف، "أن التجميع الذاتي للعاب لا يسبب ألماً للأشخاص الذين يخضعون ‏للفحوص، والأهم من ذلك أنه لا يستلزم الاحتكاك الوثيق بمن يجرون الفحوصات، ‏مما يقلص خطر التعرض للفيروس‎".‎

وفق البروفيسور تاكانوري، تؤشر نتائج الدراسة إلى أن اختبارات اللعاب قد تكون ‏‏"بديلاً مجدياً" لاختبارات الـ"بي سي آر"، "خصوصاً عندما يكون التشخيص ‏مطلوباً في مكان جمع العينات، وفق ما تكونه الحال في ملاعب الرياضة أو ‏المطارات‎".‎

وفي مقلب مغاير، يشير الباحثون إلى قصور يشوب الدراسة موضحين أنهم لم ‏يتابعوها مع نتائج سريرية‎.‎

وعلى الرغم من ذلك، يفيد أولئك الباحثون أنفسهم بأن نتائج البحث تعطي مؤشراً ‏جيداً على أن الفحوص الجماعية التي تستخدم اللعاب المجموع ذاتياً واختبار "إر ‏تي- لامب" السريع، تقدم نتائج سهلة ولا تتطلب إدخال مسحة (في الأنف أو الحلق) ‏وهي سريعة ودقيقة نسبياً، مع وجود حد أدنى لخطر انتقال الفيروس إلى العاملين ‏في مجال الرعاية الصحية‎.‎

وبينما قوبلت فكرة الاختبارات الجماعية بشكوك في بعض الأوساط، أشار ‏البروفيسور تاكانوري إلى أن "الرصد السريع للأفراد المصابين بفيروس كورونا ‏من دون أعراض، سيكون أمراً بالغ الأهمية لمنع تفشي "كوفيد- 19" في دواخل ‏المجتمعات والمستشفيات‎".‎

في المملكة المتحدة، خضعت اختبارات "إر تي- لامب" ضمن فحوص أخرى، في ‏مطار "هيثرو" غرب لندن، وذلك في محاولة لإطلاق الطائرات في رحلاتها ‏مجدداً، وتتولى الحكومة البريطانية مراجعة نتائج تلك الاختبارات‎.‎

وفي اليابان، نالت اختبارات اللعاب الموافقة للاستخدام فعلياً في المطارات اليابانية، ‏وبهدف خفض انتقال العدوى في المستشفيات، بينما ناقش المسؤولون إمكانية اللجوء ‏إليها في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقررة في العاصمة طوكيو، كجزء من ‏نظام الاختبارات الجماعية‎.‎

من ناحية أخرى، في الولايات المتحدة الأميركية، يتصدر استخدام اختبارات الـ"بي ‏سي آر" التي تعتمد على عينات من اللعاب العناوين الرئيسة للأخبار في الجهود ‏المبذولة في الاختبارات الجماعية في "جامعة إلينوي"، التي تنفذ حتى 20 ألف ‏فحص يومياً، في محاولة منها للحفاظ على الحياة الطبيعية في الحرم الجامعي‎.‎