تعرف على علاقة كورونا بـالعُزلة والموت المبكر

الأربعاء 7 أكتوبر 2020 01:01:58
تعرف على علاقة كورونا بـ"العُزلة" والموت المبكر

كشفت دراسة بريطانية جديدة أن ما يزيد على ربع من استُطلعت آراؤهم في بحص ‏استقصائي، كابدوا شعوراً بالوحدة خلال الشهر الأول من جائحة كورونا‎.‎

ونُشرت تلك الدراسة الاستطلاعية هذا الأسبوع في مجلة "بلوس وان‎" Plos One ‎العلمية المتخصصة، ونهض بها جيني غروارك وزملاء لها في جامعة كوينز ‏بلفاست في المملكة المتحدة. وتبحث الدراسة في العلاقة بين الشعور بالوحدة من ‏جهة، وبين عدد من العوامل الاجتماعية والصحية من جهة أخرى‎.‎

وجمع المسح الذي أُجري عبر الإنترنت بيانات من ألف و964 مشاركاً، في فترة ‏زمنية امتدت بين 23 مارس (آذار) و24 أبريل (نيسان) 2020. وقد أجاب ما يربو ‏على ربع المُستطلعين بأنهم "شعروا بالعزلة الاجتماعية، والافتقار إلى الصحبة‎".‎

وفق الباحثة التي تولت الدراسة، تُبين النتائج أن الأولوية في المبادرات التي تُتخذ ‏بغية تخفيف الشعور بالوحدة الذي يعتري الناس، ينبغي أن تُعطى إلى الشباب الذين ‏يشكون أعراضاً تتصل بصحتهم العقلية والنفسية، والأشخاص الذين يئنون تحت ‏وطأة العزلة الاجتماعية. واستطراداً، شملت العوامل المتعلقة بعزلة المستطلعين ‏عوامل مثل الاكتئاب السريري، ومواجهة صعوبات أكبر في السيطرة على ‏الانفعالات، وسوء نوعية النوم نتيجة الجائحة. وكذلك لم يفت الدراسة أن تورد ‏بالتفصيل العوامل "الوقائية"، وفق تسميتها، التي تقلص إمكانية أن يواجه المرء ‏الشعور بالوحدة، من بينها الدعم الاجتماعي، والزواج، أو المساكنة‎.‎

وأخبرت الدكتورة غروارك صحيفة "اندبندنت"، أنه "قبل تفشي الوباء، وُصِفت ‏معدلات الشعور بالوحدة بـأنها وباء. إذ تمثل الوحدة مشكلة كبيرة تهدد الصحة ‏العامة، ذلك أنها مرتبطة بأحوال صحية جسدية وعقلية ونفسية شديدة السوء، إضافة ‏إلى زيادة خطر الوفاة". وأضافت غروارك، "في دراسات مختلفة، ارتبط الشعور ‏بالوحدة بأمراض مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الوزن، والسمنة ‏المفرطة، وقلة النشاط البدني، إضافة إلى زيادة عدد مرات زيارة الأطباء‎".‎

ويبرز أن نتائج الدراسة الحديثة تدعمها بحوث أخرى تتناول الشعور بالوحدة خلال ‏الوباء، لا سيما بين صفوف الأشخاص البالغين الأصغر سناً. مثلاً، وجدت دراسة ‏أجرتها كلية لندن الجامعية، استندت إلى ردود مستقاة من استبيان استطلع آراء 70 ‏ألف مشارك، أن الأشخاص الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و30 عاماً كانوا على ‏الأغلب يشعرون بالوحدة. واشتملت العوامل المتصلة بتلك البيانات عوامل مثل ‏انعدام الأمل في الحصول على وظيفة، وتأمين حياة مستقلة، ودخل لائق.‏

في مايو (أيار) الماضي، أجرى مركز الدراسات الممتدة زمانياً في جامعة كوليدج ‏لندن دراسة استقصائية شملت 18 ألف شخص، ووجد أن الوحدة أكثر انتشاراً بين ‏النساء في عقدهن الثالث من العمر‎.‎

وقد عمدت تلك الدراسة إلى تكرار الحصول على نتائج عن استطلاعها من ‏مجموعة الأشخاص نفسها كل خمس سنوات. ووجدت أن زيادة كبيرة طرأت على ‏شعور الناس بالوحدة في أثناء الإغلاق (المتصل بكورونا) الذي لجأت إليه البلاد ‏في محاولة لاحتواء الجائحة‎.‎

في هذا الشأن، ذكرت البروفيسورة إملا فيتزسيمونز، وهي باحثة مشاركة في ‏الدراسة، أن "هذا التغير في الصحة العقلية والنفسية لدى الأشخاص الذين تتراوح ‏أعمارهم بين 25 و30 عاماً، سيترك انعكاسه على التغير الذي قد يطرأ على المرء ‏بصورة طبيعية في هذه المرحلة من الحياة، إضافة إلى التحول الذي يُعزى إلى ‏الجائحة‎".‎

وأضافت، "على كل حال، ينسجم ذلك الاستنتاج مع دراسات أخرى أظهرت أيضاً ‏أن الشابات عانين الارتفاع الأكبر في مشكلات الصحة العقلية والنفسية بسبب ‏كورونا‎".‎

ووجدت تلك النتائج صداها في بحث جديد من إعداد ليزا سبانيغ وبن إثيريدج، ‏وهما عالمان في الاقتصاد من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة ‏إسيكس البريطانية. وقد خلُص البحث إلى أن 34 في المئة من النساء تحدثن عن ‏شعورهن بالوحدة‎.‎

وضمن الأعراض الجانبية المتعلقة بالصحة العقلية والنفسية، تبين أن عدداً كبيراً ‏من التأثيرات الصحية، مردها مكابدة الوحدة. خلال الوباء، أظهر بحث أجراه ‏‏"المسح العالمي للمخدرات‏‎"The Global Drug Survey ‎أن 27 في المئة من ‏البريطانيين كانوا يلجأون إلى شرب كمية أكبر من الكحول، لأنهم شعروا بالوحدة، ‏ما جعل صحتهم تالياً معرضة لمزيد من المخاطر‎.‎

وأصدرت "كينغز كوليدج لندن" دراسة أخرى الأسبوع الماضي، كانت الأولى من ‏نوعها التي تجد صلة بين الشعور بالوحدة وبين الإصابة بالسكري من النوع الثاني. ‏وعبر استخدام بيانات تعود إلى أربعة آلاف شخص، وجدت تلك الدراسة التي ‏امتدت على 12 عاماً، أن 264 مشاركاً أصيبوا بالنوع الثاني من السكري‎.‎

ولاحظ الباحثون أن مستوى الشعور بالوحدة الذي عاناه الأفراد في بداية الدراسة، ‏شكل مقدمة مهمة لنشوء السكري‎.‎

في تصريح إلى "اندبندنت"، ذكرت الدكتورة روث هاكيت، الباحثة التي أعدت ‏الدراسة، أن "دراستنا تشير إلى أن الشعور بالوحدة فترات طويلة من شأنه أن ‏يؤثر في تطور السكري، ما يؤشر إلى احتمال أن تفضي تجربة الإغلاق إلى مفاقمة ‏جوانب الضعف لدى الأشخاص خلال هذا الوباء، إذا استمرت العزلة فترة من ‏الزمن‎".‎

يبقى أن بحوثاً أخرى وجدت أيضاً أن الشعور بالوحدة مرتبط بأمراض الشرايين ‏التاجية في القلب، ويشكل في بعض الأحيان تهديداً للصحة يفوق خطر البدانة.‏