كورونا فاقم الوضع.. أكثر من مليار شخص بالعالم يعانون اضطرابات نفسية

الأحد 11 أكتوبر 2020 00:00:24
كورونا فاقم الوضع.. أكثر من مليار شخص بالعالم يعانون اضطرابات نفسية

يُعاني مليار شخص تقريباً في العالم من اضطرابات نفسية، ويُودي تعاطي الكحول والمخدرات ‏بحياة 3 ملايين شخص سنوياً، فيما يحصد الانتحار شخصاً واحداً كل 40 ثانية، وهو السبب ‏الرئيس الثاني لوفاة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة‎.‎

واليوم، يتأثر مليارات الأشخاص حول العالم بجائحة كورونا التي تفاقم أيضاً الضرر على ‏الصحة النفسية للبشر.‏

‏ ويُعد الاكتئاب أحد الأسباب الرئيسة للمرض والإعاقة بين المراهقين والبالغين، حيث يُعاني واحد ‏من بين كل 5 من الأطفال والمراهقين من أحد الاضطرابات النفسية. وغالباً ما يتوفى الأشخاص ‏المصابون باضطرابات نفسية حادة مثل الفصام، قبل الآخرين بعشر أو عشرين سنة‎.‎

ولا يتلقى أكثر من 75 في المئة من المصابين بأمراض نفسية، في البلدان المنخفضة والمتوسطة ‏الدخل، أي علاج على الإطلاق، نتيجة النقص المُزمن الذي استمر على مدى عقود في مجال ‏تعزيز الصحة النفسية والوقاية من أمراضها ورعاية المصابين بها. وما زال الوصم والتمييز ‏وانتهاكات حقوق الإنسان بحق الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية، ممارسات منتشرة في ‏تلك المجتمعات‎.‎

ويُعد فقدان الإنتاجية الناجم عن الاكتئاب والقلق، أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، ويكلف ‏الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار أميركي سنوياً، بينما تخصص الحكومات أقل من 2 في ‏المئة من ميزانياتها الوطنية للصحة النفسية. وذلك على الرغم من أن كل دولار أميركي يستثمر ‏في التوسع في العلاج من الاكتئاب والقلق، يحقق عائداً قدره 5 دولارات أميركية‎.‎

كانت خدمات الرعاية ذات التكلفة العالية في مجال الصحة النفسية محدودة حول العالم قبل تفشي ‏فيروس كورونا، لكن هذا التفشي ومترتباته من ضعف الجهاز الصحي والحجر المنزلي والتباعد ‏الاجتماعي أدى إلى تفاقم الوضع، بسبب الخوف من انتشار العدوى وخطر انتشارها في مرافق ‏إقامة المرضى النفسيين، مثل دور الرعاية ومؤسسات الطب النفسي، إضافة إلى إغلاق مرافق ‏الصحة النفسية لتحويل وجهة استخدامها لرعاية المصابين بالفيروس‎.‎

وساهمت تدابير تقييد تنقل الأشخاص والحجر المنزلي، وإلغاء الروتين اليومي للموظفين ‏والعمال، وتغيير نمط الأعمال وإغلاق المدارس لمصلحة التعليم عن بعد، والبطالة المؤقتة ‏وغياب الاتصال المباشر مع أفراد الأسرة الآخرين والأصدقاء والزملاء، وإدارة مشاعر الخوف ‏من الإصابة بعدوى الفيروس، والشعور بالقلق إزاء المقربين المعرضين للخطر بشكل خاص، ‏كلها أسباب أدت إلى مزيد من التنبُّه واليقظة للاهتمام بالصحة النفسية في زمن تفشي كورونا، ‏خصوصاً بالنسبة للأشخاص المعتلين نفسياً سابقاً‎.‎

لهذا السبب، رصّت "منظمة الصحة العالمية" صفوفها، مع المنظمات الشريكة و"منظمة متحدين ‏من أجل الصحة النفسية العالمية" و"الاتحاد العالمي للصحة النفسية"، من أجل الدعوة في "اليوم ‏العالمي للصحة النفسية" لهذا العام، إلى إحداث زيادة كبيرة في الاستثمارات الموجهة إلى قطاع ‏الصحة النفسية، خصوصاً أن العواقب الاقتصادية المترتبة على هذه الجائحة محسوسة بالفعل، ‏حيث سرحت الشركات موظفيها في محاولة لإنقاذ أعمالها، أو أغلقت أبوابها بالفعل.‏

‏ ويتوقع أن تزداد الحاجة إلى الدعم في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، في ‏الأشهر والسنوات المقبلة بسبب الجائحة التي تعصف بالعالم. وأصبح الآن الاستثمار على ‏الصعيدين الوطني والدولي في برامج الصحة النفسية، التي عانت بالفعل على مدى سنوات من ‏النقص المزمن في التمويل، أكثر أهمية مما كان عليه في أي وقت مضى‎.‎

وفي إطار الاهتمام المتزايد بهذا اليوم العالمي في العام الحالي وفي ظل أزمة كورونا، أقيمت في ‏‏9 أكتوبر الحالي، التظاهرة الكبرى من أجل الصحة النفسية التي انضم إليها نشطاء في مجال ‏الصحة النفسية من كل أنحاء العالم، وبثت فعالياتها مباشرة على موقع فيسبوك على مدار 24 ‏ساعة، بالإضافة إلى محتوى من آراء المخصصين والتجارب المباشرة لأشخاص وشخصيات ‏مؤثرة من شتى أنحاء العالم. واستمع الجمهور الافتراضي إلى قصص عن تفاني نشطاء المجتمع ‏المدني من 19 بلداً وشخصيات مؤثرة من فئات المجتمع المدني الذين شاركوا في الحملة المعنونة ‏‏"عبر عن رأيك".‏

‏ ويشارك في الحملة متخصصون ومهتمون من البلدان التسعة عشر التالية: الأرجنتين، وأستراليا، ‏وغانا، والهند، وإندونيسيا، وكينيا، وليبيريا، ونيبال، ونيوزيلندا، ونيجيريا، وباكستان، وبيرو، ‏والفلبين، وسيراليون، وجنوب أفريقيا، وسريلانكا، وتونغا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة‎.‎

وقالت إنغريد دانييلز، رئيسة "الاتحاد العالمي للصحة النفسية": "لقد مَرَّ الآن 30 سنة تقريباً منذ ‏أطلق الاتحاد العالمي للصحة النفسية أول يوم عالمي للصحة النفسية. وشهدنا خلال هذه الفترة ‏انفتاحاً متزايداً في التحدث عن الصحة النفسية في بلدان عدة في العالم". ‏

والاتحاد العالمي للصحة النفسية هو منظمة دولية تأسست في عام 1948 للنهوض بقضايا ‏الوقاية من الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتزويد المصابين بها بما يلزم من علاج ورعاية، ‏وتعزيز الصحة النفسية‎.‎

أما إليشا لندن، مؤسسة منظمة "متحدين من أجل الصحة النفسية العالمية ومديرتها التننفيذية"، ‏فقالت "يلزم الآن الاستثمار في مجال الصحة النفسية أكثر من أي وقت مضى في ظل افتقار ‏الكثيرين إلى سبل الحصول على خدمات الصحة النفسية الجيدة والمناسبة‎".‎

أما في 10 أكتوبر، فستقوم "منظمة الصحة العالمية" لأول مرة، باستضافة فعالية إلكترونية ‏عالمية بشأن التوعية في كل العالم للحد من الأمراض النفسية والتعاطي الضار للكحول ‏والمخدرات.‏

‏ وسينضم زعماء العالم وخبراء الصحة النفسية إلى المدير العام للمنظمة من أجل التحدث عن ‏التزامهم تجاه الصحة النفسية والأعمال الإضافية التي يمكن إنجازها في هذا المجال. ‏

وسيشارك موسيقيون ذوو شُهرة عالمية ممن رفعوا أصواتهم عالياً في الدعوة إلى أهمية الصحة ‏النفسية، في تأدية وصلات موسيقية.‏

‏ كما ستشارك شخصيات رياضية من الجنسين، ممن تأثرت حياتهم باعتلالات الصحة النفسية، ‏للحديث عن تجاربهم وعرض طرق تعاملهم مع حالات صحية مثل الاكتئاب والقلق‎.‎