14 أكتوبر.. ثورةٌ مجيدةٌ يحتاجها الجنوب من جديد

الأربعاء 14 أكتوبر 2020 14:21:00
"14 أكتوبر".. ثورةٌ مجيدةٌ يحتاجها الجنوب من جديد

انتفاضة في حب الجنوب تلك التي شهدتها محافظات الوطن، اليوم الأربعاء، في فعاليات إحياء الذكرى الـ57 لثورة 14 أكتوبر.

الجنوبيون احتفلوا اليوم بذكرى ثورتهم المجيدة التي اندلعت في العام الثالث من ستينات القرن الماضي، وأجلت الاستعمار الإنجليزي ورسّخت بناء دولة الجنوب ومؤسساتها الوطنية.

الثورة المجيدة قامت من أجل تحقيق عشرة أهداف، حدّدها المحلل العسكري السياسي ثابت حسين صالح، وهي تتضمّن تصفية القواعد وجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب دون قيد أو شرط، وإسقاط الحكم السلاطيني والذي صنف بأنه رجعي متحالف مع المستعمر البريطاني، وإعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيرًا نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية، استكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية.

أهداف الثورة، وفق صالح، شملت كذلك إقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور، وبناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثرواته، وتوفير فرص التعليم والعمل لكل المواطنين دون استثناء، وإعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسئولياتها الاجتماعية، وبناء جيش وطني شعبي قوي بمتطلباته الحديثة تمكنه من الحماية الكاملة لمكاسب الثورة وأهدافها، وانتهاج سياسية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز بعيدًا عن السياسات والصراعات الدولية.

حقّقت الثورة نجاحًا مذهلًا، تجلّى ذلك في جلاء آخر جندي بريطاني عن العاصمة عدن في 30 نوفمبر 1967، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"، بعد احتلال بريطاني دام 129 عامًا.

الدولة التي نالت اعترافًا عربيًّا وعالميًّا في فترة قياسية، حقّقت عدة نجاحات شملت توحيد السلطنات والمشيخات في كيان دولة مركزية قسمت إلى ست محافظات، وبناء جيش وطني وامن قويين، ونشر شبكات التعليم والصحة المجانية والطرقات والمواصلات في كل أنحاء الوطن، والقضاء على الأمية كأول بلد عربي ورفع مستوى مشاركة المرأة والشباب والفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وإحداث نهضة تنموية صناعية وزراعة ملحوظة واستقرار معيشي وأمني متنامي.

الذكرى الـ57 لثورة 14 أكتوبر تحل على الجنوب، والوضع ليس مختلفًا كبيرًا فإذا كانت قيادة الثورة قد حاربت من أجل طرد الاستعمار، فيعيش الجنوب مرحلة نضالية أخرى يقودها المجلس الانتقالي الذي يقود الدفة نحو استعادة دولة الجنوب المحتلة من نظام الشرعية، الذي يفرض احتلالًا إداريًّا يسلب من الجنوبيين أدنى حقوقهم المعيشية.

نسائم التحرير التي أنجحت ثورة 14 أكتوبر، تفوح الآن في الجنوب ويتجلّى ذلك في القدر العظيم من التكاتف الشعبي وراء القيادة السياسية، وروح الثورة التي غُرست في قلوب الجنوبيين، أملًا في تحرير الوطن من شر المتآمرين على شعبه.

الجنوب يقف الآن في منعطف شديد الخطورة، وعلى شعبه ألا ينجرف نحو الفوضى الأمنية والحياتية التي تسعى الشرعية لأن تسود في مختلف محافظات الجنوب، وبات لزامًا التحلي بثقة كاملة في المجلس الانتقالي الذي يخوض الرحلة نحو استعادة الدولة، ولن يقدّم أي تنازلات تعيق تحقيق حلم الشعب الذي لن يحيد الجنوب عنها مهما كثرت التحديات.

اندلاع ثورة شبيهة بما حدث قبل 57 عامًا بات أمرًا حتميًّا للغاية، وذلك بالنظر إلى التردي المعيشي الذي يعيشه الجنوب على صعيد واسع، والنهب المنظم لثرواته من قِبل حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا.