جدد معلوماتك حول المناعة ضد فيروس كورونا

الأربعاء 14 أكتوبر 2020 20:03:21
 جدد معلوماتك حول المناعة ضد فيروس كورونا

هل نعرف الآن عن المناعة ضد مرض كوفيد-19، أو يسمى أيضا بـ"سارس كوف 2"؟‏

من بعض ما تعلمناه من أزمة كورونا عام 2020، هو أننا اعتدنا على وجود أسئلة أكثر من ‏أجوبة فيما يخص "كوفيد-19"، مثل مدة بقاء الفيروس حيا على الأسطح الصلبة، أو الأعراض ‏المحددة عند الإصابة به، أو ما يتعلق بالمناعة المكتسبة من الإصابة بالمرض‎.‎

لكن بالرغم من ذلك، تنبعث فينا روح الأمل مع كل دراسة جديدة، لعلنا نقتبس منها بعض ‏المعلومات الجديدة حول هذا المرض. إحدى تلك الدراسات هي تلك التي صدرت مؤخراً في ‏دورية "ذا لانسيت - الأمراض المعدية‎" ("The Lancet - Infectious Diseases")‎، والتي ‏تناولت خامس حالة موثقة في العالم للإصابة المتكررة بكوفيد-19‏‎.‎

المختصر المفيد هو أنه ما تزال بعد تلك الدراسة أسئلة عالقة بصدد المناعة، وما زالت هناك ‏حاجة للمزيد من الفحوصات، بحسب ما خلص إليه الباحثون المشاركون في الدراسة‎.‎

إلا أن الدراسة تطرح فرضيات مختلفة وتطالب بقية الباحثين بإيجاد حل للغز المناعة من فيروس ‏كورونا المستجد‎.‎

المريض محل الدراسة شاب في الخامسة والعشرين من العمر من مقاطعة واشو بولاية نيفادا ‏الأمريكية، وُجدت نتيجة اختباره إيجابية لنوعين مختلفين من فيروس "سارس كوف 2". هذا ‏يؤكد أن العدوى الجديدة يمكن أن تحصل بعد فترة قصيرة فقط من العدوى الأولي، وأنها أقوى ‏من سابقتها. بين العدوى الأولى للشاب الأمريكي في أبريل/ نيسان من هذا العام والعدوى ‏الجديدة، كانت نتيجة اختبارين لفيروس كورونا لدى هذا الشاب سلبيتين‎.‎

لكن في يونيو/ حزيران، تم نقله إلى المستشفى بعد ظهور أعراض إصابة قوية بكوفيد-19، من ‏بينها الحمى والصداع والإعياء والكحة والغثيان والإسهال. في المستشفى، جاءت نتيجة اختبار ‏كوفيد-19 لديه إيجابية. حالياً تم تسريح الشاب من المستشفى بعد تحسن حالته وشفائه من العدوى ‏الثانية‎.‎

وكتب القائمون على الدراسة أن الإصابة بكوفيد-19 لا يؤدي بالضرورة إلى تطوير مناعة كافية ‏ضد الفيروس لمنع الإصابة به مجدداً. هذا يعني: الحفاظ على مسافة الأمان وارتداء الكمامة ‏وغسل اليدين بشكل دوري‎.‎

ويقول مارك باندوري، من مختبر ولاية نيفادا للصحة العامة في جامعة نيفادا، وهو الباحث ‏الرئيسي في الدراسة: "ما يزال هناك الكثير مما نجهله عن الإصابة بسارس كوف 2 ورد فعل ‏جهاز المناعة عليه. لكن نتائج دراستنا تشير إلى أن الإصابة بسارس كوف 2 لا تحمي ‏بالضرورة من إصابة جديدة‎".‎

ويضيف باندوري: "من المهم الانتباه إلى أن هذه حالة واحدة فقط لا تسمح من خلالها بالتعميم ‏على الظاهرة بأكملها. حتى مع وجود حاجة للمزيد من الأبحاث، فإن أي إصابة جديدة بالفيروس ‏ستكون لها تبعات كبيرة على فهمنا للمناعة المكتسبة من كوفيد-19، خاصة في ظل نقص في ‏اللقاحات الفعالة‎".‎

بعد فحص الحمض النووي للفيروس المأخوذ من جسم المريض في أبريل/ نيسان ‏ويونيو/حزيران، وجد الباحثون اختلافات بينهما، ما يعني أن المريض تعرض لنوعين مختلفين ‏من سارس كوف 2، بحسب الدراسة. وإلى جانب الشاب من نيفادا، تم توثيق أربع حالات إصابة ‏ثانية بفيروس كورونا في بلجيكا وهولندا وهونغ كونغ والإكوادور. لكن مريض الإكوادور فقط ‏هو من أظهر أعراضاً أشد وطأة عند إصابته بالفيروس مجدداً‎.‎

ويوضح مارك باندوري: "نحن بحاجة إلى مزيد من البحث كي نعرف مدة المناعة التي يحصل ‏عليها من أصيبوا بسارس كوف 2، ولماذا – رغم ندرة حالات الإصابة بالفيروس مجدداً – ‏تكون أعراض الإصابة الثانية أشد من الأولى ... حتى الآن لم نر سوى حالات إصابة ثانية ‏معدودة على أصابع اليد الواحدة. لكن ذلك لا يعني عدم وجود المزيد، لاسيما وأن كثيراً من ‏حالات الإصابة بكوفيد-19 تمر بدون ظهور أي أعراض. حالياً لا يمكننا سوى التكهن بأسباب ‏الإصابة بالفيروس مجدداً‎".‎

بشكل مشابه لمريض الإكوادور، أظهر المريض الأمريكي أعراضاً أشد عند إصابته بالفيروس ‏مرة ثانية. أما الحالات في بلجيكا وهولندا وهونغ كونغ فلم يكن هناك فرق في شدة الأعراض بين ‏الإصابتين الأولى والثانية‎.‎

لهذا، طرح القائمون على الدراسة عدة فرضيات لتفسير شدة الأعراض في حالات الإصابة ‏الثانية، منها أن المريض ربما تعرض لكثافة أكبر من الفيروس في المرة الثانية تسببت في ظهور ‏أعراض أشد، او ربما يكون قد أصيب بنوع أكثر انتشاراً من الفيروس في المرة الثانية‎.‎

فرضية أخرى هي أن مبدأ التعزيز المعتمد على الأجسام المضادة‎ (ADE)‎، والذي تستخدم من ‏خلاله الفيروسات جهاز المناعة للانتشار بشكل أكبر في الجسم، قد يكون السبب. هذه الظاهرة ‏تمت مراقبتها لدى فيروس سارس كوف بيتا، بالإضافة إلى أمراض أخرى، مثل حمى الضنك. ‏من خلال هذه الآلية، تقوم الأجسام المضادة المعززة للإصابة بالارتباط على سطح الفيروس ليس ‏من أجل مكافحته، بل كي تستقبله خلايا الجسم بشكل أفضل، وبهذا تدعم تلك الأجسام المضادة ‏تكاثر الفيروس‎.‎

بالإضافة إلى ذلك، وحسب ما يكتب مؤلفو الدراسة، فإن هنالك إمكانية – وإن كانت ضئيلة – ‏لإصابة مستمرة تحمل في داخلها إمكانية الإيقاف والانطلاق مجدداً. لكن إثبات صحة هذه ‏الفرضية يتطلب نسبة معينة من التحور لفيروس سارس كوف 2. فبالرغم من أن فيروس ‏كورونا يتحور، إلا أنه لا يتحور بشكل كبير مثل الفيروس المسبب للإنفلونزا مثلاً، بحسب ما ‏يقول عالم الفيروسات هندريك شتريك، في مقابلة مع‎ DW.‎

تفسير بديل لذلك هو الإصابة بسلالتين من الفيروس في نفس الوقت، إلا أن ذلك يعني أن السلالة ‏الثانية لم يتم التعرف عليها في أبريل/ نيسان. وبالعكس، فإن ذلك يعني أيضاً أن السلالة الأولى ‏يفترض أنها تلاشت أثناء الفحص في يونيو/ حزيران‎.‎

في هذا الصدد، يعترف القائمون على الدراسة بأنهم ليسوا قادرين على تقييم الاستجابة المناعية ‏أثناء الإصابة الأولى بسارس كوف 2 أو فعالية تلك الاستجابة أثناء الإصابة الثانية‎.‎


لا يجب أن ينسى المرء أيضاً أن المريض الأمريكي، مثله مثل الحالات الأربع الأخرى الموثقة، ‏كان قد أظهر أعراض الإصابة بكوفيد-19، ما يعني أن هنالك إمكانية لأن يكون هناك أشخاص ‏أصيبوا مرة واثنتين بالفيروس ولكنهم لم يعانوا من أي أعراض، وبهذا لم يتم اكتشافهم من خلال ‏آليات الفحص السائدة حول العالم‎.‎

حول ذلك يكتب مارك باندوري في الدراسة: "بشكل عام، هنالك نقص في الولايات المتحدة ‏وحول العالم في آليات إجراء التسلسل الجيني للحالات المصابة بكوفيد-19، بالإضافة إلى ‏إمكانيات الفحص والاختبار، وهو ما يقيد إمكانيات تشخيص الفيروس ومراقبته وتتبعه جينياً لدى ‏الباحثين والعاملين في الهيئات الصحية‎".‎

من جهتها، كتبت الباحثة في جهاز المناعة بجامعة ييل الأمريكية، أكيكو إيواساكي، والتي لم ‏تشارك في إعداد الدراسة: "كلما زاد عدد حالات الإصابة الثانية الموثقة، زاد فهم المجتمع العلمي ‏لكيفية الحماية من سارس كوف 2 وتأثير الإصابة به على مناعة الإنسان‎".‎

وتضيف الباحثة في تعليقها أن هذه المعلومات ستكون المفتاح الأساسي لتحديد اللقاحات الأكثر ‏قدرة على تطوير المناعة الفردية وما يسمى بـ"مناعة القطيع‎".‎