انقلاب الشرعية على اتفاق الرياض

الجمعة 27 نوفمبر 2020 18:00:00
انقلاب الشرعية على اتفاق الرياض

رأي المشهد العربي

لم تجد الشرعية سبيلًا لعرقلة اتفاق الرياض مجددًا سوى الانقلاب على ما جاء فيه من بنود ومحو كل التفاهمات التي جرى التوافق عليها خلال المباحثات التي رعتها المملكة العربية السعودية على مدار الأشهر الثلاثة الماضية وأفرزت عن الآلية السعودية لتسريع تنفيذه.

التصريحات المستفزة التي أطلقتها قيادات بالشرعية في أعقاب اللقاء الذي عقده وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، ووجهت رسالة صريحة مفادها أنه "لا سماح بخروج الحكومة الجديدة إلى النور ما لم يلتزم المجلس الانتقالي بتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض"، تستهدف تجاوز جميع الاجتماعات التي عُقدت على مدار الأشهر الماضية.

أرادت الشرعية من وراء تلك التصريحات قلب جميع الحقائق لأن المجلس الانتقالي قدم تصوره الذي حاز على موافقة التحالف العربي بشأن آلية تنفيذ الشق العسكري، إلى جانب أن آلية تسريع الاتفاق والتي وافقت عليها الشرعية من قبل تقضي بتشكيل حكومة كفاءات سياسية أولًا لتسهيل عملية تنفيذ الشق العسكري وهو أمر بنت عليه الشرعية جميع مفاوضاتها السابقة مع الانتقالي بشأن تشكيل الحكومة.

تراجع الشرعية لم يكن مفاجئا في ظل بحثها عن أي ثغرة تمكنها من الهروب من اتفاق الرياض، ما يبرهن على أن هناك أطرافا إقليمية تسير القرار داخلها وتدفعها تارة نحو تصعيد الحديث عن خلافات تشكيل الحكومة، وتارة أخرى نحو تصدير الشق العسكري الذي ليس له محل من المفاوضات حاليًا في ظل التركيز القائم على كيفية إخراج الحكومة الجديدة إلى النور.

إن الحديث عن تطبيق الشق العسكري في الوقت الحالي يتطلب من جانب الشرعية سحب مئات العناصر الإرهابية التي حشدتها في محافظة شبوة وجبهة أبين، استمرارًا لمحاولتها بشتى الطرق اختراق العاصمة عدن، وفرض تغيير ديموغرافي في العاصمة ومحافظات الجنوب بإغراق الجنوب بنازحي الشمال، ما يجعل طلبها يتنافى مع الواقع السياسي والعسكري القائم.

يبدو من الواضح أن الشرعية تعمل على استخدام اتفاق الرياض كأداة لتمرير الأجندة القطرية التركية في الجنوب، لأن المماطلة والمراوغة واستحداث حجج جديدة للابتعاد عن تنفيذ بنوده وإطالة أمد المباحثات من دون طائل جميعها أدوات تصب لصالح إمكانية إيجاد ثغرات تنفذ منها القوى الإقليمية المعادية للجنوب والأمن القومي العربي، بما يُصعّب من إمكانية إنجاح الاتفاق حتى وإن جرى تنفيذ شقه السياسي.

سيكون التحالف العربي أمام ضرورة استخدام أساليب ضاغطة على الشرعية لمنعها من تحقيق هدفها، والذهاب باتجاه فرض الحل السياسي بالإعلان عن تشكيل الحكومة في أقرب فرصة ممكنة يعد أبلغ رد على مراوغات الشرعية، وكذلك فإن المجلس الانتقالي سيكون عليه إعلان حالة الاستنفار القصوى في ظل توقع اتجاه الشرعية ناحية التصعيد العسكري لمنع إنزال بنود الاتفاق على الأرض.