الطوفان الذي يبتلعنا!

* يتعاطىٰ شارعنا بإستخفافٍ مع الطّوفان الذي يَجتاح جغرافيتنا وتبعاته ، فهو تعامل بلامبالاة مع إغراقه بالمخدّرات ، فلم يَنهر أحدنا إبن الحارة الذي شَاعَ عنه تعاطيها ، أو يبلغ أسرته ، أو لم نَنصح أو نَعترض الذين يروجونها ، أو نبلغ عنهم ، وجميعنا صمتنا على الظهور العلني لنُوى الكيانات الإرهابية كالقاعدة و .. و .. ، حتى أناشيدهم تَصخبُ في سيّاراتنا ومع أولادنا ، والمحلات تبيعها علناً !

* إنها حالةٌ من الغيبوبة أطبقت علينا ، أو هي السلبية التي تجبرنا حتى على عدم الإستنكار ، فنحنُ لم نرفض كل مايدورُ حولنا ، وهذا كارثي ، والأدهىٰ هو إيغالنا في الغرقِ في دوّامة العبث التي تجتاح كلٌ مناحي حياتنا ، فالنّاس اليوم ترمي مخلّفاتها في الشّوارع كيفما إتّفق ، وهناكَ من يسلّم مفاتيح سيّارته لأطفالهِ القُصّر ، أو لمْ نُبدِ إهتماماً أو إستنكاراً للإنتشارِ الفوضَوي للسلاحِ ، ويُمكن من أبنائنا مَن يَتمنطَق بهِ في الحارة !

* اليوم يُفاخر الأب بأنّهُ إبتاعَ لإبنهِ القاصر - أسوةً بأقرانهِ - جوالاً من ٱخر طرازٍ ، ولا يُراقبهُ أو يستنكر وهو يقضي الساعات أمام شاشته ، وفي أركان الحواري ، وحتى في الزّوايا المظلمة ، تجدُ المراهقين الصّغار وقد أوشك عقرب السّاعة على ملامسة الرّابعة فجراً ، وهم لاتزال عيونهم مُحدقة بشاشات التّلفونات ، وأفواههم مَحشوةٌ بالقات ! فماذا جَرىٰ لنا ؟!

* والمصيبة أنّ كثيراً من الأهالي يُهَللون فرحاً عندما يعودُ إبنهم مُحمّلاً برُزم البنكنوت ، ويمكن أن يكون مُبررهم قولهُ : ( هذا نصيبي من بيع أرض مع الشّيخ فلان ) ، وهذا الشيخ باسطٌ وناهب أراضي ، وهذه شريحة إتّسعت في مجتمعنا مؤخراً ، ولهم مرافقين وأتباع ، ومثلهم جماعة اللصوص أثرياء هذه الحرب ، لكن لماذا لاتستبعد هذه الأسرة أنّ هذا المال هو تمويلاً من تشكيلٍ إرهابي أو إجرامي ؟ لكنّ الأسرة تفرح بالمال ولاتسأل !

* اليوم كثيراً من الأسر أغفلت مُتابعة أبنائها والتأكد من حقيقة ذهابهم الى مدارسهم ، فطوابير منهم تجدهم يتسكّعون في الأسواق ، ومثلهم نراهم في الشّواطئ وقت الدرس ، وبعضهم يظلوا في بيوتهم لايغادرونها الى مدارسهم ، وهذا لايثير تساؤلات لدى الأسر !

* لقد إنفرطَ عقد مجتمعنا أو تَخلخل ، وللأسرة دوراً كبيراً في هذا ، وهذه جريمةٌ لاتُغتفر بحقّ مجتمعنا وأنفسنا وأولادنا ، والسؤال هنا : ياتُرىٰ كيف نَتخيّل مصيرنا في الغد ومابعدهُ ؟! طبعاً لا أعمٌ كل الناس هنا ، فهناك أسرٌ ماانفكّت مُتماسكة وحريصة على أبنائها ، لكنّ ما أوردته سلفاً هو ظاهر أمام عيوننا ايضاً .. أليس كذلك ؟!.