علماء من الأزهر الشريف إلى الهند: الشيخ زايد كان قائدًا فريدًا ورمزًا للعطاء الإنساني

السبت 1 مايو 2021 21:01:39
علماء من الأزهر الشريف إلى الهند: الشيخ "زايد" كان قائدًا فريدًا ورمزًا للعطاء الإنساني

أكد عدد من علماء الدين بمختلف دول العالم، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، ‏كان قائداً فريدًا، يطبق الأمر السماوي، فلم يفرق في تعامله بين شخص وآخر، وامتدت أياديه ‏البيضاء وأعماله الصالحات في بقاع الأرض، دون نظر للون أو جنس أو معتقد.‏

وفي ضوء ذلك قال فضيلة الدكتور محمود منصور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر: إن المغفور له ‏‏(طيب الله ثراه)، رمز العطاء الإنساني، والمثل الأعلى والقدوة، الذي أحبه الصغير والكبير ‏والقاصي والداني. تمتع بفطرة سليمة، وتربية قويمة وهمة عالية، وأشار فضيلته إلى أن الشاعر ‏العربي المعروف بالحطيئة، أنشد أمامَ عُمَرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- بيتاً من الشعر، يُعدُّ من ‏أروع ما قالت العرب في بيان جزاء الإحسان، حيث قال: ‏
مَن يعملِ الخيرَ لا يَعدَمْ جوازيَه * لا يذهبُ العُرفُ بين اللهِ والنَّاسِ.‏
أنشد الحطيئةُ عُمَرَ هذا البيت، وكعبُ الأحبار عنده، فقال متعجباً: «يا أميرَ المؤمنين مَنْ هذا الذي ‏قال هذا؟ هو مكتوب في التوراة! فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: في التوراة مكتوبٌ: «من يصنع ‏الخيرَ لا يضيع عندي، لا يذهب العُرْف بيني وبين عبدي».‏

وأضاف فضيلته: يقفز إلى أذهاننا هذا الموقف بكل ما اشتمل عليه من معانٍ سامية، ونحن نعيش ‏ذكرى وفاة المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيَّب الله ثراه وجعل الجنَّة ‏مثواه- ذلكم الرَّجل الذي أجرى الله الخير على يديه، فكان بفطرته السليمة، ونفسه المستقيمة، ‏وتربيته القويمة، وهمته العالية، وذكائه الوقَّاد، وإرثه العربي الأصيل، أسوةً حسنةً، وقدوةً ‏صالحةً، ومثلًا أعلى، يقتدي به، ويتأسى بصنيعه كلُّ إنسانٍ يريد أنْ يكون سبباً في نفع النَّاس، ‏وإدخال السرور على قلوبهم.‏

وتابع فضيلته: لقد كان -رحمه الله- منفوحاً من الله، وممدوداً بعطائه، جعل اللهُ له القبول، وكتب ‏له المحبة في قلوب عباده، فلا عجب أنْ أحبَّه الصغيرُ والكبيرُ، والقاصي والداني، فإنَّ هذه ‏المحبة ما هي إلا ثمرةٌ يانعةٌ من ثمار أعماله الطيبة، أراد الله -تعالى- بفضله وعطائه أن يحوزها ‏الشيخ زايد -رحمه الله- فتُرجِمت هذه المحبة دعواتٍ صادقة، ورحماتٍ متتابعة، تلهج بها القلوبُ ‏قبل الألسنة، وتنطق بها الأفئدة، قبل أن تصوغها الشِّفاه عباراتٍ رقيقة، تُنْبيك عن مقدار هذا ‏الرجل، ومكانته في قلوب النَّاس، وكان -رحمه الله- رمزاً من رموز العطاء الإنساني، الذي لم ‏يقتصر عطاؤه ونفعه على أبناء بلدته، ولا أبناء أمَّتِه العربية والإسلامية فحسب، بل تجاوز ‏عطاؤه حدودَ الزمان والمكان.‏

‏ وقد أثمر عطاؤه الطيّبُ ترسيخاً لمبدأ الإخوة الإنسانية، وصيانةً للكرامة، وغرساً للقيم الفاضلة، ‏ولا أدلَّ على ذلك من أنَّ دولة الإمارات العربية -منذ تأسيسها وإلى يوم النَّاس هذا- هي قبلة ‏التسامح، وعاصمة السلام، يعيش على أرضها، ويستظل بسمائها، ويأكل من خيراتها، أقوامٌ ‏تختلف لغاتهم، وأديانهم، وألوانهم، لكن تجمعهم إخوة الإنسانية، وروح التسامح، التي غرس ‏بذرتها، وروى شجرتها، ورعى بستانها، الوالد المؤسس الشيخ زايد -رحمه الله- ومن ثمَّ لا يُذكر ‏اسم الشيخ زايد في بلدٍ من البلاد، إلا وتجده مقروناً بعبارات المدح والثناء، وهذه بشارة النبي -‏صلى الله عليه وسلم- التي قال فيها: «إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه. قالوا: ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ؟ قال: يُوفِّقُ لهُ عملًا ‏صالحًا بين يدَي أجلِه، حتَّى يرضَى عنهُ جيرانُه، أو قال: مَن حولَه»، وغَمَرَ اللهُ الشيخ زايد ‏بمغفرته وفضله، وأنزل عَلَيْهِ شآبِيبَ رَحْمَتِهِ، وجعل ما قدَّمه لبلده وأمته وإنسانيته في ميزان ‏حسناته، يوم يقوم النَّاس لربِّ العالمين.‏

قال الشيخ إبراهيم الخليل البخاري رئيس جامعة معدن للثقافة الإسلامية بكيرالا الهند وأمين عام ‏جماعة مسلمي كيرالا: إن هذه مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعاً، حيث نحتفل بيوم زايد للعمل ‏الإنساني تزامناً مع رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولا يوجد ‏خلاف على أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هو رمز الخير ورائد ‏العمل الإنساني ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة أو في المنطقة فقط، وإنما أيضاً على ‏مستوى العالم أجمع. وكان نهج الشيخ زايد في منح المساعدات لا يرتبط بحواجز جغرافية أو ‏إثنية أو قومية أو دينية. فكان عطاؤه يصل إلى كل من يحتاج إليه، أياً كان بلده أو دولته، وأيا ‏كان انتماؤه ومذهبه.‏

وذكر أن العطاء الذي كان يقدمه الشيخ زايد طوال حياته لم يكن يرتبط بمصالح شخصية ضيقة، ‏ولم يكن يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية أو طلب تأييد أو دعم لمواقف معينة، حيث كان دائماً ‏ما يذكر في مقابلاته، فكان يقول:(إن الله کرم الإنسان وأعلاه، فكيف لا نكرمه نحن..).‏

وأكد فضيلته أن عطاء زايد كان نابعاً من قلبه المخلص واستفادت منه البشرية جمعاء، ولم يكن ‏محروماً عن قوم دون قوم، وعن عرق دون آخر، وعن طائفة دون أخرى، ومعظم بقاع العالم ‏نالت مكارمه المباركة، ويشهد بذلك جميع الأمم والشعوب من كافة ربوع المعمورة، وكان ينظر ‏إلى من حوله بعين الإنسانية والرحمة، لا بعين تتجسس المصالح الذاتية، فنال من الله بركة ‏ويمناً، وألقى الله محبته في قلوب الناس.‏

وأوضح فضيلة الشيخ إبراهيم البخاري: «لذلك نرى أن عطايا الشيخ زايد ومكرماته والمساعدات ‏الإنسانية والتنموية التي قدمها للعالم لم تتوقف، بل انتشرت في جميع دول العالم في الغرب كما ‏في الشرق، وفي الشمال كما في الجنوب. وقد سارت القيادة الرشيدة على خطى ونهج والدهم ‏المؤسس، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ‏حيث عززت من دور الدولة الإمارات الإنساني، ما جعل الإمارات تتبوأ المرتبة الأولى عالمياً ‏في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية عالمياً.‏

ويجدر بالذكر أن يوم زايد للعمل الإنساني لهذا العام يتزامن مع وقت أدرك فيه العالم أن أهم ‏الوسائل العملية للتغلب على أزمة كورونا، هو تعزيز ثقافة العمل التطوعي والعطاء المجتمعي ‏والإنساني التي غرسها الشيخ زايد في قلوب بني البشر.‏

أكد فضيلة الشيخ أبوبكر أحمد مفتي الديار الهندية، أنه حينما تحتفل دولة الإمارات العربية ‏المتحدة يوم 19 رمضان من كل عام بـ «يوم زايد للعمل الإنساني» لا يسعنا، نحن الشعب ‏الهندي، إلا التكاتف والمشاركة في هذه الاحتفالية بالدعاء والابتهالات إلى المولى عز وجل ‏للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورغم مضي عدة سنوات على رحيل ‏الفقيد مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها الحضارية، فلا تزال ذكرياته الخالدة ‏محفورة في ذاكرتنا وراسخة في نفوسنا، وعرفاناً بجميل ما قدم للبشرية.‏

وأضاف: نحن إدارة جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية بكاليكوت كيرالا الهند، لا تزال تقوم ‏بتنظيم مبادرة قراءة مليون «الفاتحة» على روحه الطاهر بمناسبة انعقاد المؤتمرات السنوية ‏التابعة لها كل سنتين. ‏

وتابع فضيلته: لا يشك اثنان بأن شخصيته انجذب إليها ملايين الشعوب على طوال خارطة ‏العالم، وتجاوزت عبقريته حدود الدولة التي أسس أركانها ورسخ بنيانها حتى كان له نفوذ قوي ‏في الاستيلاء على آلاف القلوب والنفوس على مستوى العالم، وتأثيره في نفوس قوم خارج دولته ‏والذين لم يروه مدة حياته، حتى احتضنه وجدانهم بالحب والحنان، يتجمعون مبتهلين أمام الله لأن ‏يرحم المغفور له، لمجرد علمهم بأنه كان السبب الرئيسي لارتفاع مئات المساجد والمؤسسات ‏الإسلامية في بلادهم، بل حتى لإيقاد النار في بيوتهم. ‏

ولا يختلف اثنان في تلك الحقيقة التي استمرت طوال العقود الأربع الماضية بأنه ما من لبنة في ‏منزل أحد من الهنود ولا في مسجد من المساجد، إلا وللإمارات فيها حظ ملحوظ في تأسيسها ‏وبنائها، ولولا ينابيع السخاء التي تجري من هذه الدولة إلى مختلف أنحاء الهند لتحولت صورتها ‏الاقتصادية إلى أبشع حالة. ‏

وقال فضيلته: إن الأعمال الخيرية التي قامت بها دولة الإمارات في الدول الفقيرة، موروثة من ‏المغفور له، وبالخصوص في تلك المناطق المنكوبة التي دمرتها تسونامي وغيرها من الكوارث ‏الطبيعية في الهند خير شاهد على اهتمام هذه الدولة في وقوفها وتضامنها مع الشعوب ‏المتضررين، وحجم ما بذلته دولة الإمارات من المساعدات المادية لهؤلاء المنكوبين يفوق بحد ‏كبير على ما بذله كثير من الدول المتقدمة، وقد توارث حكام هذه الدولة من مؤسسها تلك ‏الأخلاق والسلوكيات التي انتهجها في حياته وقاموا بتطبيقها خطوة تلو أخرى، حتى ظلت هذه ‏الدولة نموذجاً رائعاً يقتدي به جميع الدول، والأيادي البيضاء التي مدتها الإمارات إلى مختلف ‏الدول العالمية، إثر انتشار جائحة فيروس كورونا، وإمداداتها الطبية والمستلزمات اللازمة خير ‏دليل على هذه الحقيقة. ‏

وقال أبوبكر أحمد مفتي الهند: "كان الشيخ زايد، رحمه الله، رمزاً للجود والسخاء، ومهما كان له ‏من بسط ورخاء أحب أن يعيش بسيطاً متواضعاً، وقد تذوقت تلك العبقرية جوع الفقراء فاشتاق ‏قلبه أن يجلس معهم، وقد شم ذلك الرجل رائحة العرق الذي يسيل من جسد العمال، فكان يسارع ‏إلى أن يجازيهم قبل أن يجف، وكان نموذجاً يحتذى به في كل خير، ولكل من يقود زمام دولة ‏من الدول، وكان له رؤية ثاقبة تجدر أن تدون بمداد ذهبي في صفحات التاريخ، استشعر بأن ‏القوة في الاتحاد، وأن البركة في التحالف، فدعا قادة الأمة إلى مائدة مشاورته، وأسس دولة هي ‏الآن في مصاف الدول العظمى بسياستها الحكيمة.‏