انتهازية إخوان اليمن .. تعز نموذجاً | رأي المشهد العربي

دائما ما تستغل الجماعات الإرهابية ذات الصبغة الإسلامية المزيفة الاضطرابات وركوب الموجة والقفر على انتصارات الأخرين لتحقيق أجنداتها إقليمياً ودولياً، وها هو حزب الإصلاح اليمني الفرع اليمني لجماعة "الإخوان"، يواصل دوره المعطّل لإعادة الشرعية في هذا البلد، وفق أجندة قطرية، تهدف إلى تأخير الحسم، وإثارة الفوضى في المحافظات المحررة.

 

ففي الوقت الذي ينشغل فيه التحالف العربي والمقاومة المشتركة في العمليات العسكرية لتحرير الحديدة من قبضة مليشيات الحوثي يعمل حزب الإصلاح على قدم وساق وعلى مدار الساعة في السيطرة على كل مفاصل محافظة تعز بالإضافة إلى محافظة البيضاء وترتيب وضع الحزب للسيطرة على الجوانب الإدارية والإغاثية في الحديدة بعد تحريرها من قبضة الحوثي.

 

وللسيطرة على السلطة التنفيذية نظم حزب الإصلاح تظاهرات في مديريتي صبر المسراخ وصالة للمطالبة بما أسماه عدم السماح بعودة الانقلابيين والمتحوثين إلى واجهة المشهد ومن نافذة المشاريع المشبوهة التي تسعى إلى إضعاف الدولة والشرعية في المناطق المحررة واستهداف المقاومة ورموزها.

 

وبحسب مراقبين، يحاول الإصلاح إحكام قبضته على تعز، عبر الضغط على المحافظ لمنحه حصة من الوظائف العامة في الإدارات الحكومية المختلفة والمديريات المحررة.

 

وأكدوا أن ممارسات حزب الإصلاح القائمة على الاستحواذ وإقصاء المخالفين من مختلف المؤسسات الشرعية المدنية والعسكرية، من أبرز أسباب تعثر جهود المحافظ لاستكمال تحرير المدينة المحاصرة للعام الرابع على التوالي.

 

وأطلقت جماعة الإخوان حملة إعلامية ممنهجة خلال الفترة الماضية استهدفت كافة الوحدات العسكرية في محافظة تعز والتي لا تخضع لسيطرة الجماعة ومنها كتائب أبوالعباس التي تغلب عليها العناصر السلفية، واللواء 35 مدرع بقيادة العميد عدنان الحمادي. 

 

وعلى الرغم من وجود اتفاق تهدئة في تعز، حتى عاودت جماعات حزب الإصلاح انتشارها في عدد من شوارع المدينة وتمركزها في مبان حكومية قضي الاتفاق بتسليمها.

 

وقال شاهد عيان إن "مليشيا الإصلاح أعادت التوتر لمنطقة باب موسى، وقامت بالانتشار واستحدثت المتارس مع تمركز للقناصة واغلاق للمحلات التجارية".

 

 وتأتي هذه التطورات متزامنة مع اجتماعات مكثفة تعقدها اللجنة الرئاسية التي بحثت في اجتماع لها الإجراءات الخاصة بتثبيت الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة العامة في تعز.

 

كما تأتي هذه المحاولات لإخوان اليمن استباقا للتحوّلات الكبيرة التي تشهدها الأوضاع الميدانية في اليمن ككلّ باتجاه هزيمة الحوثيين وتراجعهم أمام القوات المدعومة من التحالف العربي. 

 

وكانت قد وصلت إلى تعز لجنة عسكرية قادمة من العاصمة المؤقتة عدن كلفها التحالف العربي لدعم الشرعية بالإشراف على استكمال المرحلة الثانية من الاتفاق، ومراقبة التزام كافة الأطراف بمدى تنفيذ قرار المحافظ.

 

واستبق ناشطون من جماعة الإخوان وصول اللجنة بشن حملة إعلامية، معتبرين أنها لا تحمل أي صفة قانونية، في مؤشر على نية حزب الإصلاح للانقلاب على الاتفاق والمماطلة في تسليم المؤسسات الحكومية التي لا تزال تحت سيطرة قوات تابعة له.

 

 وقالت مصادر محليّة إنّ قوات حزب الإصلاح ترفض الانسحاب من كلية الآداب والبنك المركزي ومقرّ صحيفة الجمهورية وتنشر قناصتها على المباني المذكورة كما تقوم بالانتشار حول مدرسة الكويت والمستشفى العسكري وتقطع الطريق وتداهم بيوت المواطنين وتقوم بإخراجهم منها والتمركز فيها.

 

واتهمت مصادر سياسية وإعلامية قطر بالتورط في تأجيج الوضع الأمني في محافظة تعز والسعي لخلط الأوراق بهدف إرباك جهود التحالف العربي والحكومة الشرعية لاستكمال تحرير المحافظة.

 

 وكانت جماعة الإخوان تعمل خلال الثلاثة أعوام الماضية على منع النصر من التحقق حتى لا يحسب لقوات التحالف العربي، وقد ظهر ذلك بوضوح في المناطق الجنوبية، وعدن تحديداً خلال العام 2015، حيث كانت تريد التأكيد أن أعضاءها هم من يقفون وراء النصر، وليس غيرهم.  

 

انتهازية حزب الإخوان في اليمن جعله الحزب يتنازل ميدانيًا عن بعض المواقع الإستراتيجية لصالح الحوثيين، لتخفيف الضغط عليهم في الحديدة التي أظهر فيها إعلام قطر -وهو عادة الناطق بلسان سياسات تنظيم الإخوان- ميلًا واضحًا لصالح الميليشيات التابعة لإيران.

 

 

وتأكيداً لخيانة حزب الإصلاح فقد بثت قناة المسيرة التابعة للمليشيات الحوثية التابعة لإيران منتصف هذا الشهر مقابلة مع علي الكردي أحد العناصر القيادية في حزب الإصلاح، والذي تم تعينه رئيس لجان الدفاع عن الوحدة في عهد محافظ عدن الأسبق وحيد رشيد (القيادي في حزب الإصلاح و المقيم حالياً في تركيا ).

 

وليست تلك المواقف الانتهازية بجديدة على الإخوان عموما، وفي اليمن تحديدا، فقد تحالفوا مع المخلوع صالح ضد خصومه في وقت كان يملك المنح والمنع بسيطرته على مقدرات الأمور ثم تحالفوا مع خصومه (ومنهم ألد أعدائهم السابقين: الحوثيين) ضده حين بدأ ميزان الأمور يميل ضد حكمه.

 

إلا أنه لم تكن طبوغرافية محافظة تعز وحدها من أبطأت وتيرة الحسم ولا حتى الألغام التي ملأ بها الحوثيون وأنصارهم الأرض، بل إن الألغام السياسية التي حاول زرعها أطراف من "الإصلاح" بولاءات قبلية زادت المشهد تعقيدا.

 

وتشهد مدينة تعز حالة من الانفلات الأمني ‏وتصاعد حوادث الاغتيالات التي طالت خلال ‏الفترة الماضية مدنيين وعسكريين تزامناً مع ‏حملات أمنية تنفذها السلطات لوضع حد للوضع ‏الأمني المتدهور بسبب مساعي حزب الإصلاح السيطرة على المدينة.‏

 

ومن الناحية الإغاثية يحاول أيضاً حزب الإصلاح عرقلة الجهود التحالف وخاصة الهلال الإماراتي الذي حقق نجاحاً غير مسبوق بأعماله الإغاثية داخل تعز، واعتبر الإصلاح هذا النجاح تهديدا له ولنشاطه في العمل الخيري إضافة ألى أن السمعة الجيدة التي سوقها نجاح الهلال الإماراتي أوجعت قلب الإصلاح كثيراً.

 

وهاجم ملثمين تابعين للإصلاح عدد كبير من لجان توزيع البطاقات التموينية واعتدوا على عدد منهم بالضرب وأطلقوا النار على منازلهم وهددوهم وروعوا أسرهم لمنع العون الغذائي الذي تقوم به منظمة إنسانية لإن الإخوان يرون في ذلك تهديد لوجودهم هناك.

 

ويعمل الإصلاح على الانفراد بإدارة وتنفيذ المشاريع الخيرية في تعز واحتكارها عبر إئتلاف الإغاثة الذي شكله كذراع إصلاحية ووصل الأمر إلى اختفاء أكثر من نصف مليون سلة غذائية في مخازن الإصلاح وجمعياته المشغلة للعمل الخيري.

 

وانسجم الإصلاح كثيراً مع عمليات فساد كبيرة حصلت وتحصل في مشاريع الإغاثة حتى تلك القادمة عبر الأمم المتحده حيث وصل الحال إلى أن تتقزم السلة الغذائية الواحدة إلى مادون الـ 30 دولاراً، بينما أقل قيمة للسلة يتم احتسابها بـ 100 دولار كأقل ربط متعارف عليه من قبل مركز الملك سلمان أو برنامج الغذاء العالمي.

 

واستثمر الإصلاح الحرب والحصار في تعز من أجل السيطرة على كل المشاريع المرتبطة بالوضع الداخلي للمدينة في محاولة لإعادة بناء قوة سيطرة مجتمعية تربط العطاء بالولاء وتجعل من عناصره وقياداتة في كل مربع مقصدا لمن يقطنون جوارهم في ذات المربع غير أن هذا السلوك الانتهازي لم يحصد أي نجاح يذكر بل فاقم حدة النقمة على الإصلاح خصوصا مع فشل ذريع لازم الوحدات العسكرية في ضبط أداء أفرادها وأصبح كل خطأ يرتكبه مجند إصلاحي ولو كان فرديا عمل ممنهج بالنسبة للعامة .

 

بيد أن معركة الإصلاح في تعز بادعائه تمثيل الشريحة الأكبر خاسره كونها تتجاوز الواقع الحقيقي لتوجهات العامة السياسية واهتماماتهم في المرحلة الراهنة والتي تتجة نحو إنهاء تحرير المحافظة وتطبيع الحياة فيها واستعادة عمل مؤسسات الدولة وأذرعها وليس إشعال معارك جانبية تحت شعارات تظهر المصلحة العامة وتبطن مصلحة الحزب .

 

وعلى أية حال فقد فشل الإصلاح في تعز بإقناع الخارج بأنه الرقم العسكري الأول ومن سيحرر تعز وفشل في إقناع الداخل بأنه الأنجح اًنسانيا في إدارة مشاريع البطون المحاصرة والجائعة ولم يعد أمامه سوى مشروع الملثمين لخلط الأوراق والوصول إلى غاياته البعيده عن الواقع.