اللقاء السري بين البشير والأسد.. هل خططت له موسكو؟ (تقرير)

الاثنين 17 ديسمبر 2018 20:28:26
اللقاء السري بين البشير والأسد.. هل خططت له موسكو؟ (تقرير)








أحدثت الزيارة السرية "الخاطفة" للرئيس السوداني عمر البشير، إلى سوريا ولقائه بنظيره السوري بشار الأسد في دمشق، والتي تعد هي الأولى لزعيم عربي إلى سوريا منذ اشتعال الأحداث بها في 2011، جدلاً واسعاً بسبب الموقف العربي تجاه ممارسات الأسد ضد الشعب السوري.
ويبدو أن هذه الزيارة لم تكن مفاجئة، كما وصفها الإعلام السوري، وإنما تم التخطيط لها جيدًا ووضعت لها أجندة خاصة أبرزها الاجتماع “المغلق” الذي عقده البشير مع نظيره الأسد، ما يثير الشكوك بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  حليف الأسد هو من رتب لهذا الأمر، حتى أن الطائرة التي أقلت البشير إلى دمشق روسية.
وهذه الطائرة الروسية كانت مثيرة للاهتمام، خاصة وأن معظم الزيارات الخارجية للرئيس السوداني، منذ توليه الحكم  في بلاده قبل ثلاثيين عامًا، كان يستخدم فيها طائرات الرئاسة السودانية، وليس أي دولة أخرى.
الخرطوم ربما لم تكن تريد الكشف عن هذه الزيارة، واضطرت للإعلان عنها في وقت متأخر من مساء الأحد، بعدما نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية  “سانا”، خبرًا يتضمن عودة البشير إلى الخرطوم بعد زيارته لدمشق.
ولم تنشر وكالة الأنباء السودانية الرسمية، خبر مغادرة البشير والوفد المرافق له إلى سوريا في وقته، كما كانت تفعل في كل زياراته الخارجية، واكتفت بنشر عودته من دمشق ونتائج هذه الزيارة التي وصفتها بـ”الناجحة”.
وقالت الوكالة: “إن البشير عاد إلى البلاد مساء اليوم الأحد، بعد زيارة للجمهورية العربية السورية استمرت يومًا واحدًا حيث كان في وداعه الرئيس السوري بشار الأسد وعدد من أعضاء حكومته”.
وتطرقت الوكالة، إلى ما قام به البشير ووفده من نشاط خلال هذه الزيارة الخاطفة، كاشفة أن الرئيس البشير عقد اجتماعًا وصفته بـ”المغلق” مع الرئيس  بشار الأسد  ومباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
وتحدثت الوكالة أيضًا، عن ما دار بين الرئيسين، مشيرة إلى أنهما أكدا على أن الظروف والأزمات التي تمر بها العديد من الدول العربية تتطلب إيجاد “مقاربات جديدة” للعمل العربي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية مما يقود لتحسين العلاقات العربية لخدمة مصلحة الشعب العربي.
وقال الرئيسان، وهما صديقان لبوتين، إن التطورات في المنطقة خاصة في الدول العربية تؤكد ضرورة استثمار كل الطاقات والجهود خدمة للقضايا العربية وتصديًا للمخططات التي تتعارض مع مصالح دول المنطقة وشعوبها، بحسب الوكالة السودانية.
وأبلغ البشير في الاجتماع المغلق، الأسد أن السودان سيستمر في بذل الجهود حتى تستعيد سوريا عافيتها وتعود إلى حضن الأمة العربية، بحسب تعبيره.
واعتبر الرئيس السوداني، أن سوريا دولة مواجهة وأن إضعافها يعني إضعافًا للقضايا العربية، مؤكدًا حرص بلاده على استقرارها وأمنها ووحدة أراضيها بقيادتها الشرعية والحوار السلمي بين كافة مكونات شعبها والحكومة الشرعية.
من جانبه قال هشام البقلي، الباحث في الشؤون العربية، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا تعد دليلا على تغير الاستراتيجية العربية تجاه الملف السوري، بضرورة الانتقال السياسي، والدليل على ذلك، أنه خلال الفترة الماضية أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضرورة الانتقال السياسي في سوريا.
وأضاف البقلي ، أن هذا التغير العربي تجاه الملف السوري جاءت بعد سيطرة الرئيس بشار الأسد والقوات المحالفة له على أغلب الأراضي السورية، فيما عدا "إدلب"، فأصبح هناك حاجة شديدة لأنهاء النزاع المقام على الأراضي السورية.
من جانبه، أعرب الرئيس الأسد عن شكره للبشير على زيارته لسوريا، معتبرًا أن زيارة الرئيس السوداني لدمشق، تشكل دفعة قوية لتفعيل العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أن بلاده ظلت مؤمنة بالعروبة ومتمسكة بها، بحسب تعبيره.
وبعيدًا عن الأحاديث البروتوكولية التي تتناقلها وكالات الأنباء الرسمية أثارت الخطوة ردودًا واسعة بمواقع التواصل بين المحللين والمتابعين العرب، الذين هاجم معظمهم موقف البشير ومبادرته بزيارة الأسد، معتبرين أن في ذلك تنكرًا لدماء الشعب السوري.
بينما رأى فيها البعض بداية لتحول جديد في المواقف العربية تجاه إعادة تأهيل الأسد ليعيد منظومة ما يسمى “العمل العربي المشترك”، وهو أمر ألمح إليه في وقت سابق أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالقول إن “هنالك تسرعًا قد حصل في إقصاء سوريا عن مقعدها في الجامعة العربية.”
وعلقت جامعة الدول العربية أنشطة سوريا في مؤسساتها في نوفمبر 2011، ردا على هجمات الحكومة السورية العنيفة على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
ورغم أن دولا عربية كثيرة أغلقت سفاراتها أو خفضت علاقاتها مع دمشق، فإن ثمة دعوات كثيرة في العالم العربي في الأشهر الأخيرة لتطبيع العلاقات مع سوريا وإعادتها إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.