تزييف الحقائق.. مؤامرة الشمال للنّيل من دولة الجنوب (بريطانيا نموذجًا)

السبت 16 مارس 2019 14:28:00
تزييف الحقائق.. مؤامرة الشمال للنّيل من دولة الجنوب (بريطانيا نموذجًا)
تُشكل دولة الجنوب والتوجّه نحو فك الارتباط عن الشمال، هاجساً للكثير من الأطراف وصل إلى حد تزييف الحقائق الدولية، وذلك في محاولة لكسب خطوات سياسية تغيّر مستقبل الخريطة.
أحدث هذه التحرُّكات تمثّل في التعامل مع الموقف البريطاني، ففي الوقت الذي يشير فيه الموقف الرسمي على لسان السلطة الدبلوماسية في المملكة المتحدة إلى أنّها تؤيد أي مستقبل لليمن، فيما يتعلق تحديداً بفك ارتباط الجنوب، يتم عبر الحوار وتحت مظلة الأمم المتحدة، ودون اللجوء إلى العنف.
إلا أنّ وسائل إعلام يمنية زيّفت هذه الحقيقة، وادعت أنّ لندن تؤيد الوحدة وترفض أن يسترد الجنوب دولته، وقد تمّ ذلك من خلال تحريف تصريح لمتحدثة دبلوماسية بريطانية بعيداً عن سياقه.
ففي الأصل، قالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليسون كينج إنّ بلادها تدعو جميع الأطراف اليمنية للسعي لتحقيق أي تطلعات سياسية من خلال الحوار السلمي والامتناع عن العنف.
يضع "المنطق" تفسيراً لهذا التصريح، وهو أنّ بريطانيا اختارت الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لكنّها وضعت إطاراً عاماً دعت إلى الالتزام به عند تحديد مستقبل الدولة، وهو يتمثل في عدم إتباع خيار العنف بأي حالٍ من الأحوال.
لكن وسائل إعلام يمنية اختارت تجاهل هذا المنطق عند تفسير هذا التصريح، بأن ادعت قائلةً إنّ بريطانيا تؤيد الوحدة، في إشارة إلى رفضها فك ارتباط الجنوب.
وبين حين وآخر، تشعل حكومة الرئيس منصور هادي هجوماً سياسياً على القوى الوطنية الجنوبية؛ما يكشف على ما يبدو مدى التوجس من أن يستعيد الجنوب دولته التي تعرضت للغزو بشقيه السياسي والعسكري من قبل دولة الشمال. 
وعبّر عن مخاوف الشماليين، علي العمراني سفير هادي في الأردن، عندما حرّض قبل أيام على استهداف المجلس الانتقالي، بل وزعم أنه يشكل خطراً لا يقل عن الدور الإيراني في اليمن. 
يندرج كل ذلك ضمن التوجسات التي تنتاب الشماليين، والتي اتضحت جليةً خلال زيارة رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي إلى بريطانيا والتي حقّقت نجاحات هائلة.
وحتى قبل إجراء الزيارة، كشف المتحدث الرسمي باسم المجلس سالم العولقي، عن محاولات لأطراف في الحكومة ومليشيا الحوثي لإعاقتها، وقال العولقي في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" آنذاك: "مهم أن يعرف شعب الجنوب أنّ أطرافاً في الشرعية ومليشيا الحوثيين حاولا إعاقة زيارة رئيس المجلس الانتقالي إلى بريطانيا وقبله زيارة نائبه إلى فرنسا وبريطانيا.. السمعة الطيبة التي بات المجلس الانتقالي يحظى بها دوليا كانت كفيلة بفتح كل الأبواب والقادم أفضل"، مذيلاً التغريدة بهاشتاج "الدبلوماسية الجنوبية تنتصر". 
زيارة اللواء الزبيدي إلى بريطانيا التي جاءت بدعوةٍ رسميةٍ وُجّهت إلى المجلس الانتقالي شكّلت صدمةً لأعداء الجنوب سواء في "الشرعية" أو بين صفوف جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها النافذين في الحكومة.
الدليل على ذلك أنَّه فور بدء الزيارة وتسليط الضوء على مستقبل القضية الجنوبية والتي تخطو خطوات ثابتة نحو الاعتراف الدولي بها، وفق استراتيجية دقيقة، بدأت قوات المنطقة العسكرية الأولى بقيادة علي محسن الأحمر (نائب هادي)، في التحرك لإثارة الفتنة في الجنوب من بوابة العاصمة عدن.
وبرأي محللين، فإنّ زيارات رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي للخارج لها دلالة واضحة، إذ أن زيارة بريطانيا الأخيرة التي أجراها اللواء الزبيدي تفتح المجال أمام الاعتراف الدولي بقضية الجنوب، فضلًا عن التواصل مع القوى الكبرى في المجتمع الدولي.