إلى الزميل الدكتور فتحي العزب مع التحية

السلام عليكم أخي وصديقي الدكتور فتحي العزب.
لقد تابعت مثلما تابع ملايين المواطنين الجنوبيين والشماليين على السواء، جهودكم المتواصلة للحوار مع الجماعة الانقلابية الحوثية في صنعاء ، وما تسرب عن التقدم الذي تحققونه في هذه المهمة الدقيقة والمعقدة.
إنني أحيي هذا الجهد وأأكد أن الشعب الجنوبي لا يسعه إلا أن يتمنى لشعبنا الشقيق في الشمال كل الخير والاستقرار والنهوض، ولعلكم بصفتكم الحزبية أو الأكاديمية أو الشخصية قد تحققون ما فشل في تحقيقه المبعوثون الدوليون مجتمعين، ، وأن قيام دولة مدنية مستقرة في الشمال تضمن المساواة في المواطنة، وتتجه بمواطنيها نحو المستقبل وتساعدهم على الخروج من الماضي بصراعاته وضغائنه، بعيدا عن أي نوع من انواع الوصاية القبلية او العسكرية أو الطبقية أو المذهبية أو الدينية بشكلٍ عام، لأن الاستقرار في الشمال لن يكون إلا عنصرا مساعداً لاستقرار الجنوب وبناء دولته الجنوبية الجديدة والعكس بالعكس.
واختصاراً للجهد والوقت ارجو ان تسمحوا لي بإبداء بعض الحقائق التي لا أظنكم إلا تدركونها ولا أشير إليها إلا من باب تأكيد المؤكد وألخِّص هذه الحقائق في التالي:
١. إن التسوية السياسية التي يتطلع إليها الناس يجب أن تفضي إلى قيام دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية والشرعية والمشروعية وليس إلى صفقة تقاسم سياسي بين طرفين سياسيين أو أكثر.
٢. إن أية تسوية يجب أن تضع حدا لأسباب الحروب والنزاعات المسلحة سواء على صعيد الشمال أو على صعيد العلاقة بين الشمال والجنوب الذي تعلمون جيداً كم عانى ومواطنوه من الحروب التي فرضت عليهم والغزوات التي تعرضوا لها على مدى عقدين ونيف.
٣. إن تسويةً كهذه يجب أن تفضى إلى حل وحظر أية تكوينات عسكرية مسلحة ليست تابعة للدولة (التي نتحدث عنها) والمفترض قيامها من خلال مسيرة الحوار الذي تدشنونه، وأن تؤدي إلى استعادة الحريات المصادرة والحقوق المنهوبة وإطلاق سراح المخطوفين والأسرى والمغيبين قسراً والعودة إلى الحياة المدنية الطبيعية.
٤. وبمناسبة الحديث عن ثنائية الشمال والجنوب، وبعيدا عما يدور من أطروحات تتحدث عن مصالحة شمالية بهدف (استعادة) الجنوب من أيدي أبنائه، ورغم بروز ما يؤكد تلك الأطروحات من أحاديث ومواقف صادرة عن شخصيات منتمية إلى طرفي (الحرب) المتحاورين، أقول رغم كل ذلك بودِّي تذكيركم بأن جنوب ما قبل ٢٠١٥م ليس كجنوب ما بعدها، بعد انتصار أبنائه على غزاة ١٩٩٤م وغزاة ٢٠١٥م وهزيمة جحافل الغزوتين البغيضتين.
٥. وفي هذه الجزئية من المهم أن يدرك المتحاورون أن الجنوب لن يقبل أن يقرر أحدٌ مصيره نيابةً عنه بعد أن دفع الضريبة المستوفية لحريته واستقلال قراره.
٦. والأهم من كل هذا، أن أي تفكير بفتح حرب جديدة على الجنوب أو ممارسة الخداع السياسي معه ومع قياداته لن يؤدي إلَّا إلى إهدار المزيد من الوقت والمال والدماء والأرواح في الشعبين على السواء، ولن يمنع الشعب الجنوبي من التمسك بحقه في تقرير مصيره وبناء دولته الجديدة، بقدر ما سيضيف مزيدا من الأحقاد والكراهيات ويزرع المزيد من الحواجز والفجوات بين شعبين بريئين لا علاقة لهما بصراعات الساسة ومنازعات أصحاب المصالح الخاصة والحزبية التي لا تنمو ولا تتسع إلا في أجواء الحروب والضغائن والصراعات المصطنعة.
وهناك المزيد من الحقائق التي يمكن تناولها في موقفٍ آخر. 
وتقبلوا تحياتي.

ـــــــــــــــــــــــ

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك